للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال: إن كل مجتهد مصيب، أما الأولى فلأنه لو كان كل مصيبًا لم يطلق على أحدهما الخطأ لاستحالة النقيضين في حالة واحدة، وأما المصوبة فاحتجوا بأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل له أجرًا، فلو كان لم يصب لم يؤجر، وأجابوا عن إطلاق الخطأ في الخبر على من ذهل عن النص أو اجتهد فيما لا يسوغ الاجتهاد فيه من القطعيات، انتهى.

وقال الكرماني (١): المراد بالعامل: عامل الزكاة، وبالحاكم: القاضي، وقوله: "فأخطأ" أي: في أخذ واجب الزكاة أو في قضاء.

قال الحافظ (٢): وعلى تقدير ثبوت رواية الكشميهني فالمراد بالعالم: المفتي، أي: أخطأ في فتواه، وقال: وفي الترجمة نوع تعجرف، قلت: ليس فيها قلق إلا في اللفظ الذي بعد قوله: "فأخطأ"، فصار ظاهر التركيب ينافي المقصود؛ لأن من أخطأ خلاف الرسول لا يذم، بخلاف من أخطأ وفاقه، وليس ذلك المراد، وإنما تمّ الكلام عند قوله: "فأخطأ" وهو متعلق بقوله: اجتهد، وقوله: "خلاف الرسول" أي: فقال خلاف الرسول، وحذف "قال" يقع في الكلام كثيرًا فأي عجرفة في هذا، والشارح من شأنه أن يوجه كلام الأصل مهما أمكن، ويغتفر القدر اليسير من الخلل تارةً، ويحمله على الناسخ تارة، وكل ذلك في مقابلة الإحسان الكثير الباهر ولا سيما مثل هذا الكتاب، انتهى.

[(٢١ - باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ. . .) إلخ]

قال الحافظ (٣): يشير إلى أنه لا يلزم من ردّ حكمه أو فتواه إذا اجتهد فأخطأ أن يأثم بذلك، بل إذا بذل وسعه أجر، فإن أصاب ضوعف أجره، لكن لو أقدم فحكم أو أفتى بغير علم لحقه الإثم، كما تقدمت الإشارة إليه، قال ابن المنذر: وإنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ إذا كان عالمًا بالاجتهاد،


(١) "شرح الكرماني" (٢٥/ ٧٦).
(٢) "فتح الباري" (١٣/ ٣١٧، ٣١٨).
(٣) "فتح الباري" (١٣/ ٣١٨، ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>