للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٨٦ - باب ما جاء في عذاب القبر)]

قال الحافظ (١): لم يتعرض المصنف في الترجمة لكون عذاب القبر يقع على الروح فقط أو عليها وعلى الجسد، وفيه خلاف شهير عند المتكلمين، وكأنه تركه لأن الأدلة التي يرضاها ليست قاطعة في أحد الأمرين فلم يتقلد الحكم في ذلك، واكتفى بإثبات وجوده، خلافًا لمن نفاه مطلقًا من الخوارج وبعض المعتزلة، وخالفهم في ذلك أكثر المعتزلة وجميع أهل السُّنَّة وغيرهم، وأكثروا من الاحتجاج له، وذهب بعض المعتزلة كالجبائي إلى أنه يقع على الكفار دون المؤمنين، وبعض الأحاديث الآتية ترد عليهم.

وقال الحافظ أيضًا: وكأن المصنف قدم ذكر هذه الآية لينبِّه على ثبوت ذكره في القرآن، خلافًا لمن رده، وزعم أنه لم يرد ذكره إلا من أخبار الأحاد.

وقال الحافظ أيضًا: وهل يختص عذاب القبر بهذه الأمة أم وقعت على الأمم قبلها؟ ظاهر الأحاديث الأول، وبه جزم الحكم الترمذي وقال: كانت الأمم قبل هذه الأمة تأتيهم الرسل، فإن أطاعوا فذاك، وإن أبو اعتزلوهم وعجلوا بالعذاب، فلما أرسل الله محمدًا رحمة للعالمين أمسك عنهم العذاب، وقبل الإسلام ممن أظهره سواء أسرَّ الكفر أو لا، فلما ماتوا قيَّض الله لهم فتَّاني القبر ليستخرج سرهم بالسؤال وليميز الخبيث من الطيب، ويثبت الله الذي آمنوا ويضل الله الظالمين، انتهى.

قال الحافظ: ويؤيده حديث زيد بن ثابت مرفوعًا "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها" الحديث أخرجه مسلم.

وقال القسطلاني (٢): قد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسُّنَّة على ثبوته، وأجمع عليه أهل السُّنَّة، ولا مانع في العقل أن يعيد الله الحياة في


(١) "فتح الباري" (٣/ ٢٣٣).
(٢) "إرشاد الساري" (٣/ ٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>