لقال: يستغني، وتحسين الصوت هو يتغنى، ونقل ابن الجوزي عن الشافعي أن المراد به التحزن، قال في "الفتح": ولم أره صريحًا إنما قال في "مختصر المزني": وأحب أن يقرأ حدرًا وتحزينًا، انتهى.
والحدر الإدراج من غير تمطيط، والتحزين رقة الصوت وتصيره كصوت الحزين، وقال ابن الأنباري في "الزاهر": المراد بالتغني التلذذ به كما يستلذ أهل الطرب بالغناء فأطلق عليه تغنيًا من حيث إنه يفعل عنده كما يفعل عند الغناء، وقيل: المراد الترنم به لحديث ابن أبي داود والطحاوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "حسن الترنم بالقرآن"، قال الطبري: والترنم لا يكون إلا بالصوت إذا حسنه القارئ وطرب به، قال: ولو كان معناه الاستغناء لما كان لذكر الصوت ولا لذكر الجهر معنى، انتهى.
ويمكن كما في "الفتح" الجمع بين أكثر التأويلات المذكورة وهو أنه يحسن به صوته جاهرًا به مترنمًا على طريق التحزن مستغنيًا به عن غيره طالبًا به غنى النفس راجيًا به غنى اليد، انتهى.
قال الحافظ (١): وسيأتي ما يتعلق بحسن الصوت في القرآن في ترجمة مفردة، ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطريب تأثيرًا في رقة القلب وإجراء الدمع، وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره فلا نزاع في ذلك، ثم بسط الحافظ اختلاف العلماء في جواز القراءة بالألحان، انتهى.
[(٢٠ - باب اغتباط صاحب القرآن)]
تقدم في أوائل كتاب العلم:"باب الاغتباط في العلم والحكمة" وذكرت هناك تفسير الغبطة، والفرق بينها وبين الحسد، وأن الحسد في