للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمال"، وأورد فيه حديث أبي سعيد الخدري بمعنى حديث أنس الذي أورده ههنا، فتعقب عليه بأنه تكرار، وأجيب عنه بأن الحديث لما كانت الزيادة والنقصان فيه باعتبار الأعمال أو باعتبار التصديق ترجم لكل من الاحتمالين، وخصَّ حديث أبي سعيد بالأعمال، لأن سياقه ليس فيه تفاوت بين الموزونات، بخلاف حديث أنس ففيه التفاوت في الإيمان القائم بالقلب من وزن الشعيرة والبُرة والذَّرة.

قال ابن بطال: التفاوت في التصديق على قدر العلم والجهل، فمن قلَّ علمه كان تصديقه مثلًا بمقدار ذرة، والذي فوقه في العلم تصديقه بمقدار بُرة أو شعيرة، إلا أن أصل التصديق الحاصل في قلب كل مؤمن لا يجوز عليه النقصان، ويجوز عليه الزيادة بزيادة العلم والمعاينة، انتهى.

وقال شيخ الهند قُدِّس سرُّه في "تراجمه" ما تعريبه:

لقد ذكر المؤلف - رحمه الله - في الترجمة الأولى من كتاب الإيمان قوله: "يزيد وينقص"، ثم أوضح تفاوت مراتب الإيمان في التراجم المتعددة بالعناوين المختلفة، وقد تقدم الكلام عليها في مواقعها، والآن هنا ترجم أيضًا بالزيادة والنقصان في الإيمان، ومفهومه أيضًا مفهوم الترجمة الأولى، بل إنه لم يغير العنوان أيضًا فهو تكرار الترجمة بعينها، لذا أقول: إنه قد تقدم في الأبواب السابقة أن المؤلف - رحمه الله -، أثبت في الباب الأول الزيادة والنقصان في الإيمان الكامل، يعني: مجموعة التصديق والأعمال، وفي هذا الباب يظهر بعد التأمل الشديد أنه أثبت بزيادة الشرائع والأحكام، يعني: الزيادة والنقصان في الإيمان باعتبار المؤمن به، ويمكن تصديق ما قلنا - إن شاء الله - من التعمق والخوض في الآيات والأحاديث المذكورة في الباب.

والحاصل: أن نفس الإيمان والأعمال ومجموعهما، والمؤمن به، لكل من هذه الوجوه أثبت المؤلف التفاوتَ في الإيمان والزيادةَ والنقصانَ فيه في الأبواب المختلفة بالنصوص الصحيحة، وراعى في ذلك الاحتياط واتباع السلف، والله تعالى أعلم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>