للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هامشه: وهذا ظاهر من صنيع المصنف، إذ ذكر الحديث في التفاضل بالأعمال، انتهى.

قال الحافظ (١): ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة من جهة تأويل القمص بالدين، وقد ذكر أنهم متفاضلون في لبسها، فدل على أنهم متفاضلون في الإيمان، انتهى.

[(١٦ - باب الحياء من الإيمان)]

أي: يمنع صاحبه عن ارتكاب المعاصي كما يمنعه الإيمان، فسُمي إيمانًا مجازًا من باب تسمية الشيء باسم ما يقوم مقامه، كذا في "تراجم مسند الهند" (٢)، وقال القسطلاني (٣): كما ذكر في السابق تفاضل أهل الإيمان في الأعمال ذكر ههنا ما ينقص به الإيمان، انتهى.

قلت: أو مراتب الحياء متفاوتة جدًا، فلا بد من تفاوت درجات الإيمان.

قال النووي (٤) في الحديث المتقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء شعبة من الإيمان": قال القاضي وغيره من الشرَّاح: إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأنه يكون تخلُّقًا واكتسابًا كسائر أعمال البر، وقد يكون غريزة ولكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم فهو من الإيمان بهذا، ولكونه باعثًا على أفعال الخير ومانعًا من المعاصي.

وأما كونه خيرًا كله ولا يأتي إلا بخير، فقد يستشكل من حيث إن صاحب الحياء قد يستحيي أن يواجه بالحق رجلًا يجلّه فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك مما هو معروف في العادة.


(١) "فتح الباري" (١/ ٧٤).
(٢) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٣).
(٣) انظر: "إرشاد الساري" (١/ ١٨٤).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>