أيضًا عن ابن المنكدر بلفظ: حتى نزلت آية الميراث، فالحاصل أن المحفوظ عن ابن المنكدر أنه قال: آية الميراث أو آية الفرائض.
والظاهر أنها {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} كما صرَّح به في رواية ابن جريج ومن تابعه، وأما من قال: إنها {يَسْتَفْتُونَكَ} فعمدته أن جابرًا لم يكن له حينئذ ولد وإنما كان يورث كلالة فكان المناسب لقصته نزول {يَسْتَفْتُونَكَ} لكن ليس ذلك بلازم؛ لأن الكلالة اختلف في تفسيرها فقيل: هي اسم المال الموروث، وقيل: اسم الميت، وقيل: اسم الإرث، فلما لم يتعين تفسيرها لمن لا ولد له ولا والد لم يصح الاستدلال؛ لأن {يَسْتَفْتُونَكَ} نزلت في آخر الأمر، وآية المواريث نزلت قبل ذلك بمدة في ورثة سعد بن الربيع، وكان قتل يوم أُحد فخلف ابنتين وأمهما وأخاه، فأخذ الأخ المال فنزلت، وبه احتج من قال: إنها لم تنزل في قصَّة جابر، وإنما نزلت في قصَّة ابنتي سعد بن الربيع، وليس ذلك بلازم؛ إذ لا مانع أن تنزل في الأمرين معًا، فقد ظهر أن ابن جريج لم يهم، انتهى ما في "الفتح"(١) بإيضاح واختصار.
قلت: ومحصل الكل أن رواية البخاري هذه صحيحة لا وهم فيها كما قيل، لكن يشكل عليه أنه لا يناسب حال جابر - رضي الله عنه - فإنه كان كلالة، والجواب إما أولًا: فلأنه اختلف في تفسير الكلالة كما تقدم، وثانيًا: أن المراد به آية الميراث بتمامها إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} كما ذكره البخاري في الفرائض، وهو يتضمن آية الكلالة أيضًا، وتقدمت الإشارة إليه في كلام الشيخ من "اللامع"، وسيأتي الكلام على الكلالة قريبًا أيضًا، في آخر تفسير سورة النساء.
(٥ - باب قوله:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}[النساء: ١٢])
سقط لفظ "باب" لغير أبي ذر، وثبت قوله:"قوله" للمستملي فقط.
قوله:(كان المال للولد) يشير إلى ما كانوا عليه قبل، وقد روى الطبري من وجه آخر عن ابن عباس: أنها لما نزلت قالوا: يا رسول الله أن نعطي