للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى فعطف أحدهما على الآخر من التأكيد اللفظي، وهو ظاهر حديث الباب، والمراد بالسماحة ترك المضاجرة ونحوها لا المكايسة في ذلك، انتهى.

قلت: وقول الحافظ: متقاربان في المعنى، قال القسطلاني (١): تعقبه العيني بأنهما متغايران في أصل الوضع، فلا يصح أن يقال من التأكيد اللفظي؛ لأن التأكيد اللفظي أن يكون المؤكد والمؤكد لفظًا واحدًا من مادة واحدة كما عرف في موضعه، انتهى.

(١٧ - باب من أنظر موسرًا)

قال الحافظ (٢): أي فضل من فعل ذلك وحكمه، وقد اختلف العلماء في حد الموسر فقيل: من عنده مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته، وقال الثوري وأحمد وإسحاق: من عنده خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب فهو موسر، وقال الشافعي: قد يكون الشخص بالدرهم غنيًا مع كسبه، وقد يكون بالألف فقيرًا مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، وقيل: الموسر والمعسر يرجعان إلى العرف؟ فمن كان حاله بالنسبة إلى مثله يعد يسارًا فهو موسر وعكسه، وهذا هو المعتمد، وما قبله إنما هو في حد من تجوز له المسألة والأخذ من الصدقة، انتهى.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٣): والظاهر أن المراد بالموسر ههنا القادر على أداء ما عليه من الدين، وإنظاره أن يداينه حتى يأتي بالثمن من بيته، والتجاوز عنه أن يقبل منه رديئه وزيفه، وإنظار المعسر إمهاله حتى يفتح الله عليه بشيء، والتجاوز عنه أن يعفي عنه الثمن ويبرأ عنه، انتهى.

قلت: وهذا الذي أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه أوجه عندي مما قاله الحافظ وغيره، ولا يبعد عند هذا العبد الضعيف أن الإمام البخاري نبَّه بالترجمة


(١) "إرشاد الساري" (٥/ ٤٠).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٣) "لامع الدراري" (٦/ ١٩ - ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>