للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٦ - باب ما ذكر في ذهاب موسى. . .) إلخ]

وفي هامش "اللامع" (١): قال الحافظ (٢): هذا الباب معقود للترغيب في احتمال المشقة في طلب العلم؛ لأن ما يغتبط به تحتمل المشقة فيه؛ ولأن موسى - عليه السلام - لم يمنعه بلوغه من السيادة المحل الأعلى من طلب وركوب البر والبحر لأجله، فظهر بهذا مناسبة هذا الباب لما قبله.

وكتب شيخ الهند ما تعريبه: لم يذكر المؤلف مقصوده بالترجمة نصًّا، وجعل قصة موسى والخضر - عليهما السلام - ترجمة، ولكن لا يخفى أنه لا بد أن يكون غرضه من ذكر القصة المذكورة إثبات أمر ما يتعلق بكتاب العلم، ولا يقال لنفس القصة: إنها المقصودة في هذا الموضع، فظاهر النظر يؤدي إلى أنه أراد به إثبات السفر لطلب العلم، ولكن قد عقد بعد بابين "باب الخروج في طلب العلم"، وذكر فيه هذا الحديث أيضًا.

فليس لنا إلا أن نقول: إن غرض المؤلف من هذا الباب إثبات الخروج في البحر، وفي الباب الآتي إثبات الخروج مطلقًا، ولكن الأحسن أن يكون المقصود من ذهاب موسى - عليه السلام - التعلم بعد السيادة، وفي الباب الآتي الخروج في طلب العلم هو المقصود صراحة فلا حاجة إلى التكلف مطلقًا، وقد صنع هذا في مواضع أخر أيضًا بأن جعل تكميل الأمر وتحقيقه المتعلق بالباب الأول في الباب الثاني، فلأنه قد ذكر في الباب السابق قوله: "قد تعلم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر سنهم" بذيل الترجمة مجملًا، وهنا أكمل ذلك استقلالًا بأن موسى - عليه السلام - مع كونه سيد سادات العالم، كم جَدّ واجتهد برغبته وشوقه لتعلم العلم مع كون العلم أيضًا زائدًا على العلم الضروري ومفضولًا عن علم كليم الله - عليه السلام -.

ونظرًا إلى هذه الأمور، لا بد أن قد يظن أنه يمكن أن ذهاب موسى - عليه السلام - لم يكن لغرض التعلم، بل رغبةً وشوقًا في لقاء الخضر - عليه السلام -


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٢٨).
(٢) "فتح الباري" (١/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>