للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإشارة إلى لفظ الحديث الذي في الترجمة. ومناسبة الحديث لهذه الترجمة ظاهرة، ومناسبته للذي قبلها من جهة مفهوم المخالفة؛ لأنه دل بمنطوقه على أن الله لا يقبل إلا ما كان من كسب طيب، فمفهومه أن ما ليس بطيب لا يقبل، والغلول فرد من أفراد غير الطيب فلا يقبل، والله أعلم.

وأما قول المصنف: لقوله تعالى: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ. . .} إلخ [البقرة: ٢٧٦]، فقد اعترضه ابن التين وغيره بأن تكثير أجر الصدقة ليس علة لكون الصدقة من كسب طيب، بل الأمر على عكس ذلك، وكان الأبين أن يستدل بقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧]، وقال الكرماني: لفظ: "الصدقات" وإن كان أعم من أن يكون من الكسب الطيب ومن غيره، لكنه مقيد بالصدقات التي من الكسب الطيب بقرينة السياق نحو: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧]، انتهى باختصار من "الفتح" (١).

[(٩ - باب الصدقة قبل الرد)]

قال ابن المنيِّر (٢): مقصوده بهذه الترجمة الحث على التحذير من التسويف بالصدقة، لما في المسارعة إليها من تحصيل النمو المذكور، قيل: لأن التسويف بها قد يكون ذريعة إلى عدم القابل لها إذ لا يتم مقصود الصدقة إلا بمصادفة المحتاج إليها، وقد أخبر الصادق أنه سيقع فقد الفقراء المحتاجين إلى الصدقة.

فإن قيل: إن من أخرج صدقته مثاب على نيَّته ولو لم يجد من يقبلها، فالجواب: أن الواجد يثاب ثواب المجازاة والفضل، والناوي يثاب ثواب الفضل فقط، والأول أربح، انتهى.

قلت: ما أفاده الشرَّاح هو الظاهر في مفهوم الترجمة، ولا يبعد عندي أن يكون إشارة إلى مسألة فقهية خلافية وهي: أنّ من وجبت عليه صدقة


(١) "فتح الباري" (٣/ ٢٧٩)، وانظر: "شرح الكرماني" (٧/ ١٨١).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>