وتقدم في مقدمة "اللامع" من كلام الحافظ ابن حجر نوَّر الله مرقده عن شيخه البلقيني المناسبة بين الكتب والأبواب للـ "جامع الصحيح"، فقال فيما يتعلق ببدء الوحي ما تقدم في محله، ثم قال: وقدَّم الوحي لأنه منبع الخيرات، وبه قامت الشرائع وجاءت الرسالات، ومنه عُرف الإيمان والعلوم، وكان أوله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يقتضي الإيمان من القراءة والربوبية وخلق الإنسان، فذكر بعده كتاب الإيمان والعلوم، وكان الإيمان أشرف العلوم فعقّبه بكتاب العلم.
والإيمان - بكسر الهمزة - لغةً: التصديق، وهو الإذعان، أي: إذعان لحكم المخبر وقَبوله وجعله صادقًا. وشرعًا: التصديق بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فهو كأنه إفعال من الأمن، أي: جعل غيره في الأمن من التكذيب، ثم استعمل في التصديق مطلقًا، قال عزَّ اسمه في قصة إخوة يوسف:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}[يوسف: ١٧]. وفي الشرع: التصديق بما جاءت به الشريعة.
ثم قال الإمام: إن الإيمان عمل القلب واللسان معًا، والإقرار ركن أو شرط، وهو المنصوص عن الإمام الأعظم، وإِليه ذهب الأشعري في أصح الروايتين، وهو المنقول عن الماتُريدي. والمعروف عن الشافعي والمحدثين: أنه مركب من التصديق والإقرار والعمل. والخلاف لفظي بين أهل السُّنَّة، بخلاف المرجئة والخوارج كما في هامش "اللامع"(١).