للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بموضعه - صلى الله عليه وسلم -، بل في أيّ مكان كان المصلى، وبذلك جزم الكرماني (١) حيث قال: وكان تامة، أي: حيث وجد الشخص، قال الله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] انتهى.

وأنت خبير أن هذا الغرض من الترجمة لا يليق بشأن تراجم البخاري، وأولها الحافظ (٢) ومن تبعه بقوله: أي: حيث وجد الشخص في سفر أو حضر، والمراد بذلك في صلاة الفريضة كما يتبين ذلك في الحديث الثاني في الباب وهو حديث جابر، انتهى.

والأوجه عندي في غرض المصنف اللائق بشأنه: أنه أراد بذلك دفع ما يتوهم من حديث أبي هريرة الذي ذكره في الترجمة أن استقبال القبلة يكفي في أول الصلاة عند التحريمة فقط، فدفعه بالروايات الواردة في الباب إذا استقبل أهل القبلتين في أثناء الصلاة، وكذا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى في سجدة السهو وكذلك في حديث جابر إذ نزل فاستقبل في السفر، انتهى.

[(٣٢ - باب ما جاء في القبلة. . .) إلخ]

في "تراجم شيخ المشايخ" (٣): ظاهر هذه الترجمة الإشارة إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة من أن المصلي لو أخطأ في تحري القبلة في ليلة ظلماء، وصلى إلى غير القبلة فصلاته جائزة، وليس عليه أن يعيد خلافًا للشافعي رحمه الله تعالى، والاستدلال بفعله عليه الصلاة والسلام من حيث أنه - عليه السلام - أقبل على الناس بوجهه، وانصرف من القبلة ومع ذلك بنى على صلاته ولم يستأنف، فتأمل.

والحديث الأول من الباب ناظر إلى الجزء الأول من الترجمة وهو قوله: "ما جاء في القبلة" أي: ما جاء في صورة القبلة قبله، ونزول آية: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]، أي: اجعلوا مقام إبراهيم بينكم


(١) "شرح الكرماني" (٤/ ٦١).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٥٠٢).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>