للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال الحافظ (١): قال ابن المنيِّر (٢): مقصود البخاري الردّ على من لم يجعل القسم بصيغة: "أقسمت" يمينًا، انتهى.

قلت: ما ذكره الحافظ هو مذهب الشافعي: وما أشار إليه ابن المنيِّر هو مذهبنا الحنفية، والعجب أن الحديث مستدل الفريقين كليهما، ففي "البذل" (٣): قال الخطابي (٤): فيه مستدل لمن ذهب إلى أن القسم لا يكون يمينًا بمجرده حتى يقول: "أقسمت بالله"، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بإبرار المقسم، فلو كان "أقسمت" يمينًا لأشبه أن يبره، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي، وقد يستدل به من يرى القسم يمينًا على وجه آخر، فيقول: لولا أنه يمين ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تقسم" وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وأصحابه، انتهى.

وقال الحافظ (٥): قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال: "أقسمت بالله" أو "أقسمت" مجردة، فقال قوم هي يمين وإن لم يقصد، وبه قال النخعي والثوري والكوفيون، وقال الأكثرون: لا تكون يمينًا إلا أن ينوي، وقال مالك: "أقسمت بالله" يمين، و"أقسمت" مجردة لا تكون يمينًا إلا إن نوى، وقال الشافعي: المجردة لا تكون يمينًا أصلًا ولو نوى، و"أقسمت بالله" إن نوى تكون يمينًا، وقال إسحاق: لا تكون يمينًا أصلًا، وعن أحمد كالأول، وعنه كالثاني، انتهى.

[(١٠ - باب إذا قال: أشهد بالله أو شهدت بالله)]

أي: هل يكون حالفًا؟ وقد اختلف في ذلك فقال الحنفية والحنابلة: نعم، والراجح عند الحنابلة ولو لم يقل بالله أنه يمين، وعند الشافعية لا يكون يمينًا إلا إن أضاف إليه بالله، ومع ذلك فالراجح أنه كناية، فيحتاج


(١) "فتح الباري" (١١/ ٥٤٢).
(٢) "المتواري" (ص ٢٢٤).
(٣) "بذل المجهود" (١٠/ ٥٧٠).
(٤) "معالم السنن" (٤/ ٤٨).
(٥) "فتح الباري" (١١/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>