فكأنه يختبره، فلذلك ذكر "باب سؤر الكلب" مطلقًا، ثم أورد فيه مذهب الزهري، ثم أورد حديثًا منابذًا له؛ وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليغسله سبعًا"، ثم أورد حديثين معارضين لذلك الحديث مؤيدين لمذهب الزهري، وهما: حديث الخف، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فكل. . ." إلخ، يعني حديث الصيد الآتي في الباب الثاني، وكلامه قُدِّس سرُّه هذا يشتمل أصولًا، منها هذا الأصل والأصل الرابع، لقوله: ثم يأتي لها أحاديث متفقة أو متعارضة، فتأمل.
وأدخل شيخ المشايخ في هذا الأصل "باب الصلاة على الشهيد"، إذ قال: فيه اختلاف العلماء، وإنما عقد المؤلف الباب للإشارة إلى أن الدلائل في هذا الباب متعارضة، فمن مثبت ومن ناف، ومن دأبه الإشارة إلى تعارض أدلة المسألة أيضًا، وعقد الباب لمجرد ذلك، كما لا يخفى على متتبع كتابه حق التتبع، انتهى.
والأوجَه عندي أن هذا الباب من الأصل الرابع لذكر الروايتين المختلفتين في ذلك، وإن كان فيه اختلاف العلماء أيضًا.
٣٦ - السادس والثلاثون: التعليل بالعلة البعيدة تاركًا العلةَ القريبةَ:
ما أفاده شيخ المشايخ في تراجمه في "باب الوضوء من النوم".
وحاصله: أن التعليل بالعلة البعيدة تاركًا العلةَ القريبةَ، دليل على أن العلة القريبة غير مؤثرة، قال: وأمثال هذه الاستدلالات للمؤلف كثيرة، فاحفظ فإنه ينفعك، انتهى.
وسيأتي تمام كلام الشيخ في هامش "التقرير"(١) في هذا الباب.