للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٧ - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا. . ." إلخ)

قال الحافظ (١) - رحمه الله -: والمراد بالعلم ههنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة، ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام واضحة، والمراد به التخويف، انتهى.

[(٢٨ - باب حجبت النار بالشهوات)]

فمن هتك الحجاب بارتكاب الشهوات المحرمة كالزنا وغيره مما منع الشرع منه كان ذلك سببًا لوقوعه، أعاذنا الله من ذلك ومن سائر المهالك بمنه وكرمه، قاله القسطلاني (٢).

ثم قال في شرح الحديث: قوله: "حجبت. . ." إلخ، ولمسلم: "حفت" بالحاء المهملة المضمومة والفاء المفتوحة المشددة في الموضعين من الحفاف، وهو ما يحيط بالشيء حتى لا يتوصل إليه إلا بتخطيه، فالجنة لا يتوصل إليها إلا بقطع مفاوز المكاره، والنار لا ينجي منها إلا بترك الشهوات، وهذا الحديث من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - وبديع بلاغته في ذمِّ الشهوات وإن مالت إليه النفوس، والحضِّ على الطاعات وإن كرهتها النفوس وشقّت عليها، انتهى.

وفي شرح هذا الحديث قولان، أحدهما: شرح الجمهور، والثاني: ما اختاره أبو بكر ابن العربي كما بسط في الشروح، وذكرهما صاحب "الفيض" (٣) أيضًا، وقال بعد ذكر القولين: والظاهر عندي أن الشرحين صحيحان باعتبارين مختلفين، وإن كان الأسبق إلى الذهن شرح الجمهور فشرحهم أسبق، وشرح القاضي ألطف، انتهى. فارجع إليه لو شئت.


(١) "فتح الباري" (١١/ ٣١٩).
(٢) "إرشاد الساري" (١٣/ ٥٦٦).
(٣) "فيض الباري" (٦/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>