للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهامشه: واختلفت الشرَّاح في محملهما، فحاول جماعة منهم الشيخ الكَنكَوهي إلى جمعهما في قضية واحدة، وإليه مال الخطابي كما حكاه عنه القاري وكذا ابن التين، كما حكاه عنه الحافظ، ومال جماعة من الشرَّاح إلى التعدد، منهم الحافظ ابن حجر إذ قال: أما ما وقع من المخالفة بين حديثي ابن عمر وأبي موسى فظاهرهما أنهما قضيتان، وحاول بعضهم الجمع بينهما فتعسف، انتهى من هامش "الكوكب".

(١٢ - باب من استأجر أجيرًا فترك أجره. . .) إلخ

قال القسطلاني (١): قوله: (فعمل فيه المستأجر) أي: بالتجارة والزراعة، (فزاد) فجه، أي: ربح، (ومن عمل. . .) إلخ، هو من باب عطف العام على الخاص، انتهى. وزاد الحافظ (٢): لأن العامل في مال غيره أعم من أن يكون مستأجرًا أو غير مستأجر، ولم يذكر المصنف الجواب إشارة إلى الاحتمال كعادته، وقد تعقب المهلب ترجمة البخاري بأنه ليس في القصة دليل لما ترجم له، وإنما اتجر الرجل في أجر أجيره ثم أعطاه له على سبيل التبرع، وإنما الذي كان يلزمه قدر العمل خاصة، انتهى.

قلت: وقد تقدم هذا الحديث في "كتاب البيوع" (٣) في "باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه" وأثبت منه جواز بيع الفضولي كما تقدم هناك مبسوطًا.

قال العيني (٤): قال الخطابي: استدل بالحديث أحمد على أن المستودع إذا اتجر في مال الوديعة وربح أن الربح إنما يكون لرب المال، قال: وهذا لا يدل على ما قال، وذلك أن صاحب الفرق إنما تبرع بفعله وتقرب به إلى الله - عز وجل -، وقد قال: إنه اشترى بقرًا وهو تصرف منه في أمر لم يوكله به، فلا يستحق عليه ربحًا، والأشبه بمعناه أنه قد تصدق بهذا المال على الأجير بعد أن اتجر فيه وأنماه، والذي ذهب إليه أكثر الفقهاء


(١) "إرشاد الساري" (٥/ ٢٦٣).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٤٥٠).
(٣) انظر: "صحيح البخاري" (ح: ٢٢١٥).
(٤) "عمدة القاري" (٨/ ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>