للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخدمتك هذه الجارية أنه قد وهب له الخدمة خاصة، فإن الإخدام لا يقتضي تمليك الرقبة، كما أن الإسكان لا يقتضي تمليك الدار، قال: واستدلاله بقوله: "فأخدمهما هاجر" على الهبة لا يصح، فذكر نحو ما تقدم في كلام القسطلاني، وقال أيضًا: ولم يختلف العلماء فيمن قال: كسوتك هذا الثوب مدة معينة أن له شرطه وإن لم يذكر أجلًا فهو هبة، وقد قال تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [إلى قوله] {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: ٨٩]، انتهى.

وفي "الفيض" (١): "باب إذا قال: أخدمتك. . ." إلخ، الظاهر أن المصنف لم يحكم في لفظ الإخدام بشيء، وتركه على العرف، فإن كان عرفهم أنه الهبة فهو هبة، وإن كان أنه العارية على ما تعارفوا، وقوله: "قال بعض الناس" المراد به ها هنا أبو حنيفة، وقد مرّ أن المصنف لا يريد به الردّ دائمًا، والأقرب أنه اختار تفصيل الإمام الأعظم؛ لأنه أيضًا فوّضه إلى العرف، ولما كان العرف في لفظ الخدمة أنه للعارية بخلاف الكسوة، ظهر وجه الفرق بينهما، وإنما قلنا: إنه وافقنا في المسألة؛ لأنه لو أراد الخلاف لأخرج حديثًا يؤيد مرامه، كما هو دأبه، وإن سلمناه فردّه ضعيف جدًا لوضوح الفرق بين اللفظين كما عرفت آنفًا، انتهى.

قلت: وأيضًا الفرق بينهما إجماعي كما تقدم، انتهى من هوامش "اللامع" (٢) مختصرًا.

(٣٧ - باب إذا حمل رجلًا على فرس. . .) إلخ

قال القسطلاني (٣): قوله: (فهو كالعمرى) أي: فحكمه كالعمرى في عدم الرجوع فيه، (وقال بعض الناس) أبو حنيفة - رحمه الله -: (له أن يرجع فيها) أي: في الفرس الذي حمله عليها ناويًا الهبة لأنه يجوز عنده الرجوع في الهبة للأجنبي، انتهى.


(١) "فيض الباري" (٤/ ٧٠ - ٧١).
(٢) "اللامع" (٧/ ٤٤ - ٤٦).
(٣) "إرشاد الساري" (٦/ ٧٦ - ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>