فظنت الرسل بتأخر النصر أن الذين آمنوا بهم وصدقوهم من قبل سيكذبونهم، غير أن عائشة لم يكن ختمت كلامها ولا زادت على قولها: لقد استيقنوا بذلك إذ بدر عروة فقال: لما كان تكذيبهم مستيقنًا به لم يكن لقراءة التشديد معنى فيكون كذبوا بالتخفيف، فقالت عائشة بعد ذلك ما تم به كلامها، ومعنى قوله:{كذبُوا} بالتخفيف أنهم وعدوا كذبًا، ولذلك تبرأت عائشة من هذا المعنى، والذين يقرأونها مخففًا يرجعون الضمير إلى الأتباع لا إلى الرسل، والمعنى: وظن الأتباع أن الرسل وعدوهم كذبًا، ثم إن المراد بالظن هو الهاجس والوسوسة الغير المؤاخذ عليها، فكان يخطر ببالهم ذلك، ويدفعونه حسب طاقتهم، فلا يضر ذلك إيمانهم، وبهذا المعنى لا يبعد إرجاع الضمير إلى الرسل أيضًا، أي: توسوس الرسل أن وعدهم الذي وعدوا من الإنجاء والنصر كان كاذبًا، فإن ذلك وإن لم يستقر في قلوبهم حاشاهم عن ذلك إلا أنه كان يخطر بالبال خطورًا ما، وكانوا بشرًا، والبشرية لا تتخلف عن مقتضاها، والله تعالى أعلم، انتهى.
وبسط في هامشه الكلام من الشرَّاح والمفسرين.
(٢٠ - باب قول الله - عز وجل -: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ}[الأنبياء: ٨٣])
وذكر الحافظ نسبه والاختلاف فيه، ثم قال (١): وزعم بعض المتأخرين أنه من ذرية روم بن عيص، ولا يثبت ذلك، وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط - عليه السلام -، وأن أباه كان ممن آمن بإبراهيم، وعلى هذا فكان قبل موسى، وقال ابن إسحاق: الصحيح أنه كان من بني إسرائيل، ولم يصح في نسبه شيء إلا أن اسم أبيه أمص، والله أعلم. وقال الطبري: كان بعد شعيب، وقال ابن أبي خيثمة: كان بعد سليمان.