للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالذمي خلافًا للحنفية، كما سيأتي الاختلاف في ذلك، ثم قال (١) تحت حديث الباب: أما ترك قتل المسلم بالكافر فأخذ به الجمهور، وخالف الحنفية فقالوا: يقتل المسلم بالذمي إذا قتله بغير استحقاق، ولا يقتل بالمستأمن، وعن الشعبي والنخعي: يقتل باليهودي والنصراني دون المجوسي، واحتجّوا بما وقع عند أبي داود عن علي: "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده"، إلى آخر ما بسطه من وجه استدلال الفريقين.

قال القسطلاني (٢) من قبل الحنفية في شرح هذا الحديث: أي: لا يقتل ذو عهد في عهده بكافر، قالوا: وهو من عطف الخاص على العام، فيقتضي تخصيصه؛ لأن الكافر الذي لا يقتل به ذو العهد هو الحربي دون المساوي له والأعلى، فلا يبقى من يقتل به المعاهد إلا الحربي، فيجب أن يكون الكافر الذي لا يقتل به المسلم هو الحربي لتسويته بين المعطوف والمعطوف عليه، وقال الطحاوي: لو كانت فيه دلالة على نفي قتل المسلم بالذمي لكان وجه الكلام أن يقول: ولا ذي عهد في عهده، وإلا لكان لحنًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يلحن، فلما لم يكن كذلك علمنا أن ذا العهد هو المعني بالقصاص، وصار التقدير لا يقتل مؤمن ولا ذمي ولا ذو عهد في عهده بكافر، وتعقب بأن الأصل عدم التقدير، والكلام مستقيم بغيره إذا جعلنا الجملة مستأنفة، انتهى.

قلت: قال الجمهور: معنى الحديث لا يقتل مسلم بكافر قصاصًا، ولا يقتل من له عهد ما دام في عهده باقيًا، فجعلوا قوله: "ولا ذو عهد" في جملة مستأنفة.

(٣١ - باب إذا لطم المسلم يهوديًا عند الغضب)

قال الحافظ (٣): أي: لم يجب عليه قصاص، كما لو كان من أهل الذمة، وكأنه رمز بذلك إلى أن المخالف يرى القصاص في اللطمة، فلما


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٢٦١).
(٢) "إرشاد الساري" (١٤/ ٣٨٦).
(٣) "فتح الباري" (١٢/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>