للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيم" يعني: أن المراد من اللبس هو الجمع في محل واحد، وهو يتحقق إذا كان يراد من الظلم الشرك، فإن للإيمان والشرك محلًّا واحدًا، وإن شئت أن يتيسر لك المقصود فعليك أن تجمع ما قالا بأن تقول: إنهم فهموا اللبس اتصالًا والإيمان كاملًا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الإيمان هو الاعتقاد واليقين، واللبس خلط شيئين في محل واحد، والله أعلم بالصواب، انتهى.

وما أفاده حجة الإسلام النانوتوي قد سبقه إلى ذلك العلامة بهاء الدين السبكي في "عروس الأفراح": وكان خطر لي قديمًا أن في الآية الكريمة ما يشير إلى أن المراد بالظلم فيها الكفر، وهو قوله تعالى: {وَلَمْ يَلْبِسُوا}؛ لأن الذي يلبس الإيمان هو الشرك، فإنه كالممازج له ولا تلتبس بالإيمان، وعرضت هذا المعنى على والدي بدرس الشامية بـ "دمشق" فارتضاه وفرح به، انتهى.

قلت: وحاصله: أنه جعل اللبس قرينة على كون المراد بالظلم هو الشرك، فإن الخلط إنما يمكن في محل واحد، ومحل الأمرين هو القلب.

[(٢٤ - باب علامة المنافق)]

قال الحافط (١): لما قدم أن مراتب الكفر متفاوتة وكذلك الظلم، أتبعه بأن النفاق كذلك، وقال الشيخ محيي الدين: مراد البخاري بهذه الترجمة أن المعاصي تنقص الإيمان، كما أن الطاعة تزيده، انتهى.

والأوجه عندي في غرض الترجمة: أن الأعمال الحسنة كما هي مكملات للإيمان وليست الإيمان نفسه، فكذلك مقابلها هذه الأعمال مكملات للكفر ليست هي الكفر نفسه.

وكتب الشيخ الكَنكَوهي قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): "باب علامة المنافق" سردها ليتجنب عنها المسلم مع ما فيه من الاحتجاج على أن


(١) "فتح الباري" (١/ ٨٩).
(٢) "لامع الدراري" (١/ ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>