للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الكلام في "الكوكب الدري"، وبسط شيء من الكلام في هامش "اللامع"، وفيه: المسألة من أشهر المسائل الخلافية، والمشهور على ألسنة الناس أن الحنفية لا يجوِّزون الجمعة في القرى بخلاف غيرهم، وهذا من قلة النظر على مسالك الأئمة الأربعة. والعجب من الحافظ (١) إذ قال: في هذه الترجمة إشارة إلى خلاف من خصّ الجمعة بالمدن دون القرى، وهو مروي عن الحنفية، انتهى.

وظاهره أيضًا يوهم أن الحنفية متفردون بمنع الجمعة في القرى، وليس كذلك، فإن المسألة إجماعية عند الأربعة في أن الجمعة ليست كسائر الصلوات تقام في كل المواضع، بل لا بدّ لها من نوع من المدينة مع الاختلاف بينهم في تفاصيل هذه المدينة، كما بسط في "الأوجز" (٢).

وإلى التفريق بين القرى مال الإمام البخاري أيضًا كما يدل عليه صنيعه فيما يأتي في "باب من أين تؤتى الجمعة"، إذ ذكر فيه أثر عطاء: إذا كنت في قرية جامعة. . . إلخ، فعُلم أن القرى بعضها جامعة وبعضها غير جامعة. وقد قال إمام دار الهجرة في "الموطأ" (٣): إذا نزل الإمام بقرية تجب فيها الجمعة والإمام مسافر، فإن أهل تلك القرية وغيرهم يجمِّعون معه، فإن جمَّع الإمام بقرية لا تجب فيها الجمعة، فلا جمعة له ولا لأهل تلك القرية، إلى آخر ما قال. فعُلم بذلك أن القرى على نوعين عند مالك. . . وهو كذلك عند بقية الأئمة الأربعة، وكذا فروع الشافعية أيضًا متضافرة على التفريق بين القرى، كما بسط في "الأوجز"، انتهى.

(١٢ - باب هل على من لا يشهد الجمعة غُسل. . .) إلخ

قال الحافظ (٤): ترجم الإمام بلفظ الاستفهام للاحتمال الواقع في حديث أبي هريرة: "حق على كل مسلم أن يغتسل" فإنه شامل للجميع،


(١) "فتح الباري" (٢/ ٣٨٠).
(٢) "أوجز المسالك" (٢/ ٤٢٨).
(٣) "موطأ مالك" (٢٣٢).
(٤) "فتح الباري" (٢/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>