للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

نحمده ونصلِّي على رسوله الكريم

اعلم أولًا: أنه وُضع تبييض هذه التراجم في الثامن من شهر الله المحرم المبارك، سنة إحدى وتسعين بعد ثلاثمائة وألف، في آخر ساعة من يوم الجمعة بعد العصر، عند الأقدام العالية في المسجد النبوي، تقبَّل الله عني بشرف البقعة المباركة، كما تقدم مفصلًا في مبدأ الجزء الأول.

وثانيًا: أن الإمام البخاري افتتح كتابه بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اقتداءً بالقرآن العظيم، وتخلُّقًا بأخلاق العزيز العليم، واقتفاءً للنبي الكريم حيث قال: "كلُّ أمر ذي بال لا يبدأ [فيه] بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فهو أقطع"، رواه الخطيب وعبد القادر الرهاوي بهذا اللفظ في كتاب "الجامع" (١) كما في "القسطلاني" و"الجامع الصغير" (٢).

ثم الباء جاء لأربعة عشر معنًى، والمناسب هنا الاستعانة، وهي متعلقة بمقدر، فقدّره البصريون: اسمًا مقدَّمًا، أي: ابتدائي به، والكوفيون: فعلًا مقدمًا، أي: أبدأ، وقَدّره الزمخشري: فعلًا مؤخَّرًا، أي: باسم الله أقرأ؛ اهتمامًا لشأن اسمه تعالى، وهو أولى وأتم شمولًا؛ لاقتضائه أن التسمية واقعة على القراءة كلها، وتقدير "أبدأ" يقتضي مصاحبتها لأول القراءة دون باقيها، إلى آخر ما بسطه "القسطلاني" (٣).

وأجاد في جواب ما أورد على الزمخشري من أن في تقديره لا تقع البداية باسمه: بأن مراد الحديث البداية به، وهو حصل بالفعل، ولم يقل في الحديث: كل أمر لا يقال فيه أبدأ بسم الله. . . إلى آخر ما بسطه.


(١) "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (رقم ١٢٣١).
(٢) انظر: "إرشاد الساري" (١/ ٨١)، و"الجامع الصغير" (رقم ٦٢٨٤).
(٣) "إرشاد الساري" (١/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>