للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال الماوردي: إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها لما يترجى من دخول غيره في الإسلام.

وقال الخطابي: كانت الهجرة؛ أي: إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الإسلام مطلوبة، ثم افترضت لما هاجر إلى المدينة إلى حضرته للقتال معه وتعلم شرائع الدين، وقد أكد الله ذلك في عدة آيات حتى قطع الموالاة بين من هاجر ومن لم يهاجر، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢]، فلما فتحت مكة ودخل الناس في الإسلام من جميع القبائل سقطت الهجرة الواجبة وبقي الاستحباب، إلى آخر ما في "الفتح".

قوله في حديث أنس: (أقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وهو مردف أبا بكر - رضي الله عنه -. . .) إلخ، قال العلامة السندي (١): كأنه وقع كذلك أحيانًا. أو المعنى: أن راحلته متأخرة عن راحلة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلا فهما كانا على راحلتين على مقتضى الأحاديث الأخر. انتهى.

وبسط الكلام عليه في هامش "اللامع" (٢) في كتاب المغازي. قوله: (إذا قيل له: هاجر قبل أبيه يغضب. . .) إلخ، يشكل عليه ما سيأتي في بيعة الحديبية أنه رد على من قال: إنه أسلم قبل أبيه، وسيأتي الجمع هناك إن شاء الله تعالى.

[(٤٦ - باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة)]

قال العلامة العيني (٣): أي هذا باب في بيان قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقدوم أصحابه المدينة. وكان وصول النبي إلى قباء يوم الاثنين أول شهر ربيع


(١) "صحيح البخاري مع حاشية السندي" (٢/ ٣٣٤).
(٢) "لامع الدراري" (٨/ ٣٨١).
(٣) "عمدة القاري" (١١/ ٦٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>