للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي في "شرح المهذب" (١): اختلف العلماء في من مر ببستان أو زرع أو ماشية فقال الجمهور: لا يجوز أن يأخذ منه شيئًا إلا في حال الضرورة فيأخذ ويغرم عند الشافعي والجمهور، منهم الإمام أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم، وقال بعض السلف: لا يلزمه شيء، وقال أحمد: إذا لم يكن على البستان حائط جاز له الأكل من الفاكهة الرطبة في أصح الروايتين ولو لم يحتج إلى ذلك، وفي الرواية الأخرى إذا احتاج ولا ضمان عليه في الحالتين، وعلَّق الشافعي القول بذلك على صحة الحديث، قال البيهقي: يعني: حديث ابن عمر مرفوعًا: "إذا مر أحدكم بحائط فليأكل ولا يتخذ خبنة"، أخرجه الترمذي (٢).

وذهب كثير من السلف إلى الجواز مطلقًا في الأكل والشرب سواء علم بطيب نفسه أو لم يعلم لرواية أبي داود (٣) والترمذي وصححه عن سمرة مرفوعًا: "إذا أتى أحدكم على ماشية فإن لم يكن صاحبها فيها فليصوت ثلاثًا فإن أجاب فليستأذنه فإن أذن له وإلا فليحلب وليشرب ولا يحمل"، وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح فهو أولى بأن يعمل به، وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه فلا يلتفت إليه. . .، إلى آخر ما بسط في وجوه الجمع بين الروايات المتعارضة في هذه المسألة.

[(٩ - باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه)]

كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٤): أراد بذلك أنه لا فصل بين مدة ومدة، بل تجب القيمة على الملتقط كلما أتى المالك، انتهى.

قلت: هذه المسألة خلافية تقدم الكلام عليها في "باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة. . ." إلخ، فارجع إليه، وبسط الكلام عليه أيضًا في


(١) "شرح المهذب" (٩/ ٥٤).
(٢) "جامع الترمذي" (ح: ١٢٨٧).
(٣) "سنن أبي داود" (ح: ٢٦١٩)، و"جامع الترمذي" (ح: ١٢٩٦).
(٤) "لامع الدراري" (٦/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>