للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتلف بذلك إنسان فديته على عاقلته، والمراد بالطريق الطريق في الأمصار دون الفيافي والصحارى؛ لأنه لا يمكن العدول عنه في الأمصار غالبًا دون الصحارى، انتهى.

قلت: فلعل هذه المسألة هو منشأ ما نقل عن الحنفية ابن بطال، وحاصل مذهبنا أنه لو حفر شخص بئرًا في الأمصار في غير ملكه، فتلف به إنسان فحينئذٍ تجب الدية عندنا، وأما لو حفر في الفيافي والصحارى فلا دية عليه كما تقدم، وكذا لو حفر في ملكه ولو في المصر لم يضمن كما في "الهداية" حيث قال: وكذا إن حفر في ملكه، يعني: كما إذا أمره الإمام فحفر في طريق المسلمين لم يضمن ما تلف به، كذلك إذا حفره في ملكه وإن لم يأذن له الإمام لم يضمن، انتهى من "الهداية" مع زيادة من هامشه.

وهذا الاختلاف في مسألة حفر البئر والمعدن، وأما مسألة جرح العجماء فسيأتي الخلاف فيه في الباب الآتي.

[(٢٨ - باب العجماء جبار)]

قال الحافظ (١): أفردها بترجمة لما فيها من التفاريع الزائدة عن البئر والمعدن، انتهى. ومسألة الباب خلافية.

قال العلامة العيني (٢): واحتج بحديث الباب أبو حنيفة رحمه الله تعالى على أنه لا ضمان فيما أتلفته البهائم مطلقًا سواء فيه الجرح وغيره، وسواء فيه الليل والنهار، وسواء كان معها أو لا، إلا أن يحملها الذي معها على الإتلاف، أو يقصده، فحينئذٍ يضمن لوجود التعدي منه، وهو قول داود وأهل الظاهر، وقال مالك والشافعي وأحمد: إن كان معها أحد من مالك أو مستأجر أو مستعير وغيرهم وجب عليه ضمان ما أتلفته، وحملوا الحديث على ما إذا لم يكن معها أحد، إلى آخر ما ذكر.


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٢٥٦).
(٢) "عمدة القاري" (١٦/ ١٨٧، ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>