للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكل منهما مهر المثل فإنه يندم إذ لا قدرة له على مهر المثل لبنت الموسر، وحصل للموسر مقصوده بالتزويج لسهولة مهر المثل عليه، فإذا أبطل الشغار من أصله بطلت هذه الحيل، انتهى.

قلت: وأما حكم الشغار ومذاهب الأئمة فيه فقد تقدم في محله من "كتاب النكاح"، وحاصله أنه منهي عنه بالإجماع، لكن اختلفوا هل هو نهي يقتضي بطلان النكاح أم لا؟ فعند الشافعي يقتضي إبطاله، وهو رواية عن أحمد وإسحاق، وعن مالك يفسخ قبل الدخول وبعده، وفي رواية: قبله لا بعده، وقال جماعة: يصح بمهر المثل، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد وإسحاق، وبه قال أبو ثور وابن جرير.

قوله: (وقال بعض الناس: إن احتال حتى تزوج على الشغار فهو جائز والشرط باطل) في هامش المصرية عن شيخ الإسلام (١): قيل: هم الحنفية، لكن النكاح يصحّ بمهر المثل عندهم، والجمهور على أن النكاح أيضًا باطل لظاهر الحديث، انتهى.

قوله: (وقال بعضهم المتعة والشغار جائز. . .) إلخ، قال الحافظ (٢): كأنه يشير إلى ما نقل عن زفر أنه أجاز النكاح الموقت وألغى الوقت لأنه شرط فاسد، والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة، وتعقبه العيني (٣) بأن مذهب زفر ليس كذلك، بل عنده أن صورته أن يتزوج امرأةً إلى مدة معلومة، فالنكاح صحيح واشتراط المدة باطل، قال: وعند أبي حنيفة وصاحبيه: النكاح باطل، انتهى.

وفي "تقرير المكي" (٤) في توضيح كلام المصنف: قوله: وقال في المتعة "النكاح فاسد" أي: باطل مع أنه لا فرق بين المتعة والشغار في النهي، فما وجه الفرق حيث أجزتم الشغار دون المتعة؟ قوله: "وقال


(١) "تحفة الباري" (٦/ ٣٩١).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٣٣٤).
(٣) "عمدة القاري" (١٦/ ٢٤٤).
(٤) "لامع الدراري" (١٠/ ٢٢٩، ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>