للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النكاح، وسيأتي باب النكاح قريبًا، فكان ينبغي للمؤلف أن يذكر هذه الروايات فيه، وأما على نسخة الحاشية فكلا البابين متعلقان بالنكاح نصًّا.

والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن الترجمتين من الأصل الثاني والعشرين من أصول التراجم، والغرض من الترجمة الأولى الحيلة في إسقاط المهر كما تدل عليه الروايات الواردة في الباب، والغرض من الترجمة الآتية بيان الحيلة في إثبات النكاح بشهادة الزور، كما جزم به الشرَّاح بهذا الغرض في الترجمة الآتية.

قال العلامة العيني (١) في الباب الأول: أي: هذا باب في بيان ترك الحيلة في النكاح، وقال بعد ذكر الحديث: لا مطابقة أصلًا بين الترجمة والحديث، حتى قيل: إن إدخال البخاري الشغار في باب الحيلة في النكاح مشكل؛ لأن القائل بالجواز يبطل الشغار ويوجب مهر المثل، انتهى.

وقال الحافظ (٢): قال ابن المنيِّر: إدخال البخاري الشغار في باب الحيل مع أن القائل بالجواز يبطل الشغار ويوجب مهر المثل مشكل، ويمكن أن يقال: إنه أخذه مما نقل أن العرب كانت تأنف من التلفظ بالنكاح من جانب المرأة، فرجعوا إلى التلفظ بالشغار لوجود المساواة التي تدفع الأنفة، فمحا الشرع اسم الجاهلية، فلو صححنا النكاح بلفظ الشغار وأوجبنا مهر المثل أبقينا غرض الجاهلية بهذه الحيلة.

قال الحافظ: فيه نظر؛ لأن الذي نقله عن العرب لا أصل له؛ لأن الشغار في العرب بالنسبة إلى غيره قليل، وقضية ما ذكره أن تكون أنكحتهم كلها كانت شغارًا لوجود الأنفة في جميعهم، والذي يظهر لي أن الحيلة في الشغار تتصور في موسر أراد تزويج بنت فقير فامتنع أو اشتط في المهر فخدعه بأن قال له: زوجنيها وأنا أزوجك بنتي، فرغب الفقير في ذلك لسهولة ذلك عليه، فلما وقع العقد على ذلك وقيل له: إن العقد يصحّ ويلزم


(١) "عمدة القاري" (١٦/ ٢٤٣).
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>