للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعضهم. . ." إلخ، يعني: أنهم اختلط الأمر عليهم فاختلفوا فيما بينهم أيضًا، وفي تقريره الآخر: ظنّ البخاري أن الفساد ههنا ما هو مقابل للبطلان كما هو مذهبنا في البيع الفاسد والباطل مع أن المتعة ليست بفاسدة بهذا المعنى، بل هي باطلة، ولم يفهم أنه لا فرق عندنا بين الفاسد والباطل في النكاح، وقال بعضهم - وهو زفر - رحمه الله -: المتعة والشغار جائز، المراد بالمتعة النكاح الموقت، وإنما أجاز زفر النكاح الموقت قياسًا على الشغار، وإنما المنسوخ في النكاح المتعة فقط، وقال علماؤنا الثلاثة: النكاح الموقت باطل كالمتعة إذ لا فرق بينهما إلا في اللفظ، والاعتبار للمعاني لا للألفاظ، انتهى.

قوله: (وقال بعض الناس: إن احتال حتى تمتع فالنكاح فاسد. . .) إلخ، قال الكرماني (١): فإن قلت: حيث قال بفساده فما معنى الاحتيال فيه؟ قلت: الفساد لا يوجب الفسخ لاحتمال إصلاحه بحذف الشرط منه كما قالوا في بيع الربا: لو حذف منه الزيادة صحّ البيع، أو المقصود منه القول الأخير، وهو القول بجوازه، انتهى.

وفي "الفيض" (٢): واعلم أن نكاح الشغار نافذ عندنا، وأما ورود النهي عنه فهو مسلم، إلا أنه ليس كل نهي يقتضي البطلان، وإنما القبح فيه من جهة خلو البضعين عن العوض، وقد قلنا بوجوب مهر المثل فيه، فانعدم المعنى، فلو فعله أحد نفذ ولزمه مهر المثل، ونظيره قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اشترطي لهم الولاء"، فكذا يصح النكاح ويلغوا الشرط، وأما إيراده بجواز المتعة فلم يقل به منا أحد، غير أن زفر ذهب إلى تنفيذ النكاح الموقت، فإن لنفاذه صورة بإبطال الوقت، أما في المتعة فقد اتفقوا على بطلانها، انتهى.


(١) "شرح الكرماني" (٢٤/ ٧٨، ٧٩).
(٢) "فيض الباري" (٦/ ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>