للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقتضي الاستئناف، قال القسطلاني (١) تبعًا للحافظ: لا تخرج بذلك عن الصدرية؛ لأن المراد من كون الاستفهام له الصدر أن يكون في صدر الجملة التي هو فيها. . . إلى آخر ما بسطه.

قال النووي: لا بد من تقدير المضاف، أي: باب جواب "كيف كان"؛ لأن المذكور في الباب جواب "كيف كان" لا سؤال "كيف كان".

ثم لا يذهب عليك ما في هامش "اللامع" (٢) وهو: أعلم: أن الإمام البخاري بدأ أبوابه بلفظ "كيف" في سائر كتابه في ثلاثين موضعًا أصالة، العشرون منها في النصف الأول، والعشرة في النصف الثاني. والمراد بقولي: "أصالة" إخراج ما ذكرها تبعًا، وأكثر المواضع من هذه الثلاثين خالية عن ذكر الكيفية.

فما يخطر بالبال بمطالعة هذه الأبواب كلها أن غرض الإمام فيها ليس إِثبات الكيفية حتى يجهد في إِثبات الكيفية في كل حديث حديثٍ، بل الغرض عندي الإشارة والتنبيه إلى اختلاف العلماء، أو اختلاف الروايات في كيفية هذه الأمور التي ترجم عليها بلفظ "كيف"؛ فتأمل، فإِن خاطري أبو عذره.

ثم رأيت أن شيخ مشايخنا الشاه ولي الله الدهلوي [- رحمه الله -] أشار إلى ذلك في تراجمه إذ قال: قوله: "بدء الوحي" من البداية، وتخصيصه أن إِيراد "كيف" في الترجمة من قبيل إيراد التنبيه في أثناء الباب إفادة زيادة فائدة على أصل المقصود من الباب، إذ المقصود إثبات أصل الوحي.

ويمكن أن يقال: إن المراد بالوحي الحديث، وبدؤه مبدؤه الذي صدر منه وهو الله تعالى.

فمعنى "كيف كان بدء الوحي"، أي: كيف كان مبدؤ ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ فأثبت بأحاديث الباب أنه كان بالوحي وتوسُّط الملَك.


(١) "إرشاد الساري" (١/ ٨٢).
(٢) "لامع الدراري" (١/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>