للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القسطلاني (١): لم يأت المصنف بخطبةٍ تنبئ عن مقاصد كتابه هذا مبتدَأة بالحمد والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اقتداءً بالكتاب وعملًا بما تقدم من الحديث؛ لأنه صدَّر كتابه بترجمة "بدء الوحي"، وبالحديث الدالِّ على مقصوده المشتمل على أن العمل دائر مع النية، فكأنه قال: قصدت جَمْعَ وحي السُّنَّة المتلقى عن خير البرية على وجه سيظهر حسنُ عملي فيه من قصدي، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فاكتفى بالتلويح عن التصريح.

وهذا ذكره الحافظ أيضًا، لكنه ذكره علَّةً لعدم ذكر الخطبة، والقسطلاني ذكره علَّةً لعدم الخطبة وعدم الحمدلة معًا، كما يدل عليه قولُه: أو اكتفى بالنطق؛ فتأمل.

واختار الشيخ الكَنكَوهي قدَّس الله سرُّه في "اللامع" (٢)، أن ذكر أوصاف الكمال من الله أو الرحمن أو الرحيم، داخل في الحمد، لا سيما فيه التأسي بما كثر وشاع من كتبه ورسائله - صلى الله عليه وسلم -، انتهى.

ومن العجائب أني عندما قَدِمتُ للحج عام ١٣٨٤ هـ بإِصرار من العزيز المرحوم مولانا الحاج محمد يوسف (٣) أمير التبليغ نوّر الله مرقده وأعلى مراتبه، وأقمت معه عدة أشهر بالحرمين الشريفين، فرأيت ببركته ورفاقته رؤًى كثيرة عجيبة جدًّا في تلك السفرة.

ومن جملتها أني لمَّا خرجتُ من مكةَ صبيحةَ يوم السبت، ووصلتُ إِلى بدرٍ، أقمتُ بقيةَ اليوم والليلة المقبلة بها، ثم ترحَّلْتُ فوصلتُ البلدةَ


(١) "إرشاد الساري" (١/ ٨١).
(٢) "لامع الدراري" (١/ ١).
(٣) هو: الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي، صاحب "حياة الصحابة"، وابن العالم الرباني مؤسِّس جماعة الدعوة والتبليغ محمد إِلياس الكاندهلوي رحمهما الله، ولد سنة ١٣٣٥ هـ وتوفي سنة ١٣٨٤ هـ. انظر ترجمته في كتاب "الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي حياته ومنهجه في الدعوة" للشيخ محمد الثاني الحسني.

<<  <  ج: ص:  >  >>