للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاري (١): لكن قالى العارف الجامي: حقيقة الابتداء باسمه سبحانه عند العارفين، أن لا يُذكر باللسان ولا يخطر بالجَنان في الابتداء غير اسمه سبحانه، لا إثباتًا ولا نفيًا، فإِن صورة نفي الغير ملاحظة للغير، فهو أيضًا ملحوظ في الابتداء، فليس الابتداء مختصًا باسمه سبحانه، فلا حاجة إلى تقدير المحذوف مؤخرًا إلا أن يكون اسم الله سبحانه في التقدير أيضًا مقدمًا كما أنه في الذكر مقدم، انتهى.

وثالثًا: أن الإمام البخاري لم يفتتح كتابه بالحمد مع ما ورد من الحديث كما في هامش "اللامع" (٢)، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجزم"، رواه أبو داود والنسائي (٣). وفي رواية ابن ماجه (٤): "كل أمر ذي بال لم يُبدأ فيه بالحمد أقطع"، ورواه ابن حبان (٥) وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال ابن الصلاح: هذا حديث حسن بل صحيح، انتهى.

وأجاب عنه العيني (٦) بسبعة أوجه:

الأول: أن الحديث ليس على شرطه.

الثاني: أن الحديث مخصوصٌ بالخطب زجرًا عمَّا عليه أهل الجاهلية من البداية بالأشعار.

الثالث: [أن الحديث] منسوخ؛ لما أنه - عليه السلام - في صلح الحديبية اكتفى بالبسملة.

الرابع: أن كتاب الله - عز وجل - وكُتُبَ رسوله - صلى الله عليه وسلم - مفتتحة بالتسمية، فقاس به البخاري.


(١) "مرقاة المفاتيح" (١/ ٤٤).
(٢) "لامع الدراري" (١/ ٤٨٧).
(٣) "سنن أبي داود" (ح: ٤٨٤٠)، "سنن النسائي الكبرى" (ح: ١٠٣٣١).
(٤) "سنن ابن ماجه" (ح: ١٨٩٤).
(٥) "صحيح ابن حبان" (ح: ١).
(٦) "عمدة القاري" (١/ ٣٤ - ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>