للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى فيه أن يخاف المؤمن من حبط الأعمال، وليس فيه وجه الحبط، ولعل في الترجمة الثانية بيان سبب حبط الأعمال ووجهه، وهو الإصرار على التقاتل والعصيان، ويحتمل أن يقال: إن الترجمة الثانية عام والأولى فرد منها، وإنما أفرد الأولى بالذكر لاهتمام شأنه، والله أعلم، انتهى.

قال الحافظ: (١) قوله: "ما يحذر" هذه ترجمة أخرى، فصل بين الترجمتين بآثار لتعلقها بالأولى فقط، وأما الحديثان فالأول منهما يتعلق بالثانية، والثاني بالأولى، ففيه لف ونشر غير مرتب، انتهى.

قوله: (وهو لا يشعر. . .) إلخ، كأنه أشار إلى مسألة خلافية.

قال النووي: المراد بالإحباط نقصان الإيمان وإبطال بعض العبادات لا الكفر؛ لأن الرجل لا يكفر إلا بما يفعل شيئًا عالمًا أنه الكفر، ورد عليه الكرماني (٢)، وقال: الجمهور على أنه يكفر بموجب الكفر وإن لم يعلم أنه كفر.

وقال ابن عابدين (٣): قال في "البحر": والحاصل: أن من تكلم بكلمة الكفر هازلًا أو لاعبًا كفر عند الكل، ولا اعتبار باعتقاده، كما صرَّح به في "الخانية"، ومن تكلم بها اختيارًا جاهلًا بأنها كفر ففيه اختلاف، انتهى.

قوله: (ابن أبي مليكة. . .) إلخ، كتب شيخ الهند قُدِّس سرُّه في "تراجمه" ما تعريبه: وأما قول ابن أبي مليكة: "ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبرئيل وميكائيل"، فالمراد منه أن السلف لم ينقل منهم مثل هذه الكلمات، ويخشى منها المغالطة أيضًا فينبغي الاحتراز عنها، فإن الإمام أبا حنيفة - رحمه الله - عند ما قال بذيل تحقيق مسألة الإيمان: إيماني كإيمان جبرئيل، أضاف بعدها: ولا أقول: إيماني مثل إيمان جبرئيل، فسدَّ بذلك باب المغلطة.


(١) "فتح الباري" (١/ ١١١).
(٢) "شرح الكرماني" (١/ ١٨٧).
(٣) "رد المحتار" (٦/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>