للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سنة ثمان وعشرين، وذكر ابن أبي حاتم أن قصة جهم كانت سنة ثلاثين ومائة، ونقل البخاري عن محمد بن مقاتل قال: قال عبد الله بن المبارك:

ولا أقول بقول الجهم إن له … قولًا يضارع قول الشرك أحيانًا

وعن ابن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ونستعظم أن نحكي قول جهم، وعن عبد الله بن شوذب قال: ترك جهم الصلاة أربعين يومًا على وجه الشك، وأخرج ابن أبي حاتم في "كتاب الردّ على الجهمية" من طريق خلف بن سليمان البلخي قال: كان جهم من أهل الكوفة وكان فصيحًا، ولم يكن له نفاذ في العلم، فلقيه قوم من الزنادقة فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده، فدخل البيت لا يخرج مدة ثم خرج، فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء، انتهى.

وأيضًا نقل عنه أنه قال: إن أسماء الله تعالى مخلوقة؛ لأن الاسم غير المسمى، وقال: لو قلت: إن لله تسعة وتسعين اسمًا لعبدت تسعة وتسعين إلهًا، كما سيأتي في "باب إن لله مائة اسم. . ." إلخ.

قوله: (وغيرهم) قال الحافظ (١): والمراد بقوله: "وغيرهم" القدرية، وأما الخوارج فتقدم ما يتعلق بهم في "كتاب الفتن"، وكذا الرافضة تقدم ما يتعلق بهم في "كتاب الأحكام"، وهؤلاء الفرق الأربع هم رؤوس البدعة، وقال أيضًا: قال ابن حزم في "كتاب الملل والنحل": فرق المقرين بملة الإسلام خمس: أهل السُّنَّة، ثم المعتزلة ومنهم القدرية، ثم المرجئة، ومنهم الجهمية والكرامية، ثم الرافضة ومنهم الشيعة، ثم الخوارج ومنهم الأزارقة والإباضية، ثم افترقوا فرقًا كثيرة إلى أن قال: وفي مقالاتهم ما يخالف أهل السُّنَّة الخلاف البعيد والقريب، فأقرب فرق المرجئة من قال: الإيمان التصديق بالقلب واللسان فقط، وليست العبادة من الإيمان، وأبعدهم الجهمية القائلون بأن الإيمان عقد بالقلب فقط وإن أظهر الكفر والتثليث بلسانه وعبد الوثن من غير تقية، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٣٤٤ - ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>