للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوحيد بالنصب على المفعولية، وظاهره معترض؛ لأن الجهمية وغيرهم من المبتدعة لم يردوا التوحيد، وإنما اختلفوا في تفسيره، وحجج الباب ظاهرة في ذلك، انتهى.

ثم قال الحافظ (١): قال الكرماني (٢): "الجهمية" فرقة من المبتدعة ينتسبون إلى جهم بن صفوان، مقدم الطائفة القائلة أن لا قدرة للعبد أصلًا، وهم الجبرية.

قال الحافظ: وليس الذي أنكروه على الجهمية مذهب الجبر خاصةً، وإنما الذي أطبق السلف على ذمهم بسببه إنكار الصفات، حتى قالوا: إن القرآن ليس كلام الله وأنه مخلوق.

وقد ذكر أبو منصور عبد القاهر في كتابه "الفرق بين الفرق": أن رؤوس المبتدعة أربعة إلى أن قال: والجهمية أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال، وقال: لا فِعْلَ لأحد غير الله تعالى، وإنما ينسب الفعل إلى العبد مجازًا، وزعم أن علم الله تعالى حادث، وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء أو حي أو عالم أو مريد، حتى قال: لا أصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره، قال: وأصفه بأنه خالق ومحي ومميت وموحد بفتح المهملة الثقيلة؛ لأن هذه الأوصاف خاصة به، وزعم أن كلام الله حادث، ولم يسم الله متكلمًا.

قال البخاري في "كتاب خلق أفعال العباد": بلغني أن جهمًا كان يأخذ عن الجعد بن درهم، وكان خالد القسري وهو أمير العراق خطب فقال: إني مضح بالجعد؛ لأنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا ولم يكلم موسى تكليمًا، وكان ذلك في خلافة هشام بن عبد الملك، وقتل جهم كان بعد ذلك بمدة، وأسند أبو القاسم اللالكائي في "كتاب السُّنَّة" له: أن قتل جهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، والمعتمد ما ذكره الطبري أنه كان


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٣٤٥).
(٢) "شرح الكرماني" (٢٥/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>