للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوال الشرَّاح من السندي وغيره (١).

(حدثنا أبو اليمان. . .) إلخ، الأوجه عندي: أن المصنف رحمه الله تعالى أراد بالترجمة بين الآيتين اللتين ظاهرهما المخالفة، وأراد بذكر هذا الحديث الإشارة إلى أن الرجل المتروك ليس من الأول، وأن يظهر هذا من قوله - عليه السلام -: "أو مسلمًا"، بل من الثاني لقوله - عليه السلام -: "لأعطي الرجل وغيره أحب إلي" لكنه - صلى الله عليه وسلم - رد على قوله: "أراه مؤمنًا" لأن الإيمان فعل القلب لا يظهر عليه غيره.

(قوله: أحب إليّ. . .) إلخ، فيه دلالة على أن الإيمان يزيد وينقص؛ لأن حبه - صلى الله عليه وسلم - تزايد بتزايد مراتب الإيمان كما دل عليه السياق، ثم لما أثبت للغير


(١) ثم اعلم أن الذي ظهر لي من النظر في كلام الشرَّاح والمشايخ في غرض الترجمة ثلاثة أمور:
الأول: الجمع بين ما يفهم من التعارض بين الآيتين في إطلاق لفظ الإسلام، بأن الإسلام قد يطلق مرادفًا للإيمان، وقد يطلق بمعنى الاستسلام؛ أي: الانقياد الظاهري، وهو الذي يغاير الإيمان، هذا هو مختار شيخنا عند قراءتنا عليه "الصحيحَ"، وهو الذي أثبته في تراجمه.
والثاني: الفرق بين الإسلام النافع وغير النافع كما حكاه بعضهم.
والثالث: بيان أن للإسلام إطلاقين، ففي إطلاق يرادف الإيمان، وهو ما إذا كان مع الاستسلام الظاهر اعتقاد الباطن، وقد يطلق بمعنى الانقياد الظاهر، وهو ما إذا لم يصاحبه الاعتراف القلبي، وهذا هو الذي جنح إليه السندي (١/ ١٤)، والعلامة الكشميري (١/ ١١٠)، وهو المذكور في "الفتح" (١/ ٧٩)، ويحوم حوله كلام العارف الكَنكَوهي وغيرهما.
فمحط النظر على الأول هو دفع التعارض، وعلى الثاني بيان كونه نافعًا وغير نافع، وعلى الثالث ذكر الإطلاقين فقط، والذي يظهر لي أن ترجمة المصنف قد حوت هذه الأمور الثلاثة كلها، إلا أن الظاهر بلفظ الترجمة هو الذي جنح إليه السندي وغيره من إثبات الإطلاقين للإسلام، وهذان الإطلاقان هما محامل النصوص المختلفة، والإسلام الحقيقي هو النافع بخلاف الإسلام الظاهري، والله أعلم، انتهى. محمد يونس عفا الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>