للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي: يحرم خضابه بالسواد على الأصح، وقيل: يكره تنزيهًا، والمختار التحريم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا السواد" وهذا مذهبنا، انتهى.

وفي "الدر المختار" (١): يكره بالسواد، وقيل: لا، قال ابن عابدين: قوله: يكره، أي: لغير الحرب، قال في "الذخيرة": أما الخضاب بالسواد للغزو ليكون أهيب في عين العدو فهو محمود بالاتفاق، وإن ليزين نفسه للنساء فمكروه، وعليه عامة المشايخ وبعضهم جوَّزه بلا كراهة، انتهى.

وفي "المحلى": وكان يخضب بالسواد عثمان وسعد بن أبي وقاص، وعدّ جماعة من الصحابة والتابعين ممن كانوا يخضبون بالسواد، ثم قال: ومن كرهه تحريمًا احتج بما في مسلم عن جابر في قصة أبي قحافة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا السواد"، إلى آخر ما بسط في "الأوجز".

قلت: وهذا الخلاف إنما هو في الخضاب بالسواد، وأما الخضاب مطلقًا فقال الحافظ (٢): وقد اختلف في الخضب وتركه، فخضب أبو بكر وعمر وغيرهما كما تقدم، وترك الخضاب علي وأُبي بن كعب وأنس وجماعة إلى أن قال: ولكن الخضاب مطلقًا أولى؛ لأن فيه امتثال الأمر في مخالفة أهل الكتاب، وفيه صيانة للشعر عن تعلق الغبار وغيره به، إلا إن كان من عادة أهل البلد تركُ الصبغ، وأن الذي ينفرد بدونهم بذلك يصير في مقام الشهرة، فالترك في حقه أولى، انتهى.

وفي "الأوجز" (٣): قال النووي: قال القاضي: اختلف السلف من الصحابة والتابعين في الخضاب، فقال بعضهم: ترك الخضاب أفضل، ورووا حديثًا من النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن تغيير الشيب، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يغيِّر شيبه، وقال آخرون: الخضاب أفضل، وخضب جماعة من الصحابة والتابعين، انتهى.


(١) "ردّ المحتار" (٩/ ٦٠٥).
(٢) "فتح الباري" (١٠/ ٣٥٥).
(٣) "أوجز المسالك" (١٧/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>