للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالوحي هو البرهان الساطع والدليل القاطع الذي لا يعتبر بجنبه أيّ دليل، فلذا قدَّم المصنفُ الوحيَ، ويذكر صدقه وعظمته وعصمته، ثم يذكر سائر الأمور، فإن كلها مأخوذة من الوحي، حتى إن الأحوال المتعلقة بالوحي أيضًا تكون مأخوذةً من الوحي، فإنه المعتمد في الباب.

والأمر الثاني: أن المصنفَ أورد في الباب ستة أحاديث، ولا يناسب بظاهر الترجمة إلا حديثٌ واحد، فالذي يظهر أن غرضه ليس هو ظاهر الترجمة، بل هو أمرٌ آخر ينبغي استخراجه من النظر في أحاديث الباب، ويكون ذلك الأمر مشتركًا في الكلِّ مناسبًا بالمقام.

فالذي يظهر بالتأمل أن المصنف بصدد بيان عظمة الوحي كما لا يخفى على المتأمِّل المتفطِّن.

ثم البدء عام: البدء الزماني والمكاني كما يظهر من الأحاديث، وكذا الوحي يعم المتلوَّ وغيرَه كما صرَّح به الشاه ولي الله، بل المقصود الأعظم هو الوحي غير المتلو، بل لو أريد به الوحي المتلو لكان منافيًا لغرض المصنف مع كونه يخلّ في المطابقة بالأحاديث، فالحذر كل الحذر.

والخلاصة: أن هذا الباب مقدمة الكتاب وتتلوه المقاصد، انتهى.

وأفاد عزيزي مولانا محمد يونس شيخ الحديث بمظاهر علوم بسهارنفور ما نصُّه:

والذي كان يخطر ببالي منذ زمان، أن غرض الإمام البخاري بهذا الباب بيان كيفية ابتداء الوحي، وما صادف الوحي في بدئه من الأمور والوقائع والأحوال والكيفيات والأزمان، فيعم البدء ابتداءه من الله تبارك وتعالى ووصوله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وما عرض له - صلى الله عليه وسلم - من الخوف والدهش ورجف البوادر وتحريك الشفتين وإتيان الوحي في صورة الصلصلة، وكذا يعم ما عرض للوحي بعد ظهوره في الناس من تكذيبهم ومخالفتهم وتمادي ذلك إلى صلح الحديبية، ففي البدء امتداد، وليس المراد بدءًا آنيًّا وما يتعلق بالحصة الابتدائية، كما يقال: كان الإسلام في أول أمره غريبًا لا يقبله إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>