للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لا يذهب عليك أن الشرَّاح استشكلوا ذكر حجة الوداع ها هنا قبل غزوة تبوك، وجعلوا ذلك من تصرف النساخ، كما سيأتي هناك، وفي "الفيض" (١): ولم يظهر لي وجه تقديمها على غزوة تبوك مع كونها في السنة التاسعة وتلك في العاشرة، انتهى.

والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن المصنف - رحمه الله - قصد بذكر ها هنا بعد الفراغ من بيان الوفود الإشارة إلى أن سلسلة الوفود انجرت إلى حجة الوداع، ولذا لم يذكر بعدها وفدًا كما ترى، وأما كونها بعد غزوة تبوك فكان معروفًا بين العام والخاص فلم يلتفت إلى ذلك، والله تعالى أعلم.

ثم إن المصنف ذكر تحت هذا الباب حديث ابن عمر سادس أحاديث الباب، قال القسطلاني (٢) تبعًا للحافظ: قد استشكل دخول هذا الحديث في باب حجة الوداع؛ لأن فيه التصريح بأن القصة كانت عام الفتح، وعام الفتح كان سنة ثمان وحجة الوداع، كانت سنة عشر، انتهى.

والعجب من العلَّامة العيني إذ قال (٣): مطابقته للترجمة في قوله: "عام الفتح"؛ لأن حجة الإسلام كانت فيه، وهو حجة الوداع، انتهى ولم أتحصل ما قال.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٤) بعد ذكر الإشكال: والجواب: أنه إثبات لما اختلفوا فيه من دخوله في البيت يوم حجة الوداع فمن مثبت لذلك وناف له، فأورد هذا الحديث تنبيهًا على أنه إذا دخل البيت يوم الفتح، ولم يكن سفره هذا لقصد زيارة البيت، بل للجهاد والغزو، فأولى أن يكون دخله في الحج لوقوع سفره هذا للبيت خاصة، انتهى.


(١) "فيض الباري" (٥/ ١٤٩).
(٢) "إرشاد الساري" (٩/ ٤٣١)، و"فتح الباري" (٨/ ١٠٦).
(٣) "عمدة القاري" (١٢/ ٣٥٨).
(٤) "لامع الدراري" (٨/ ٣٩١، ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>