للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحتمال، وهذه الترجمة من ذلك؛ لأن السلف اختلفوا في ذلك عملًا وتركًا، وإن كان الأمر استقر، والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم إلى آخره.

وقال في "باب إذا صلى ثم أمَّ قومًا": قال الزين ابن المنيِّر: لم يذكر جوابَ "إذا" جريًا على عادته في ترك الجزم بالحكم المختلف فيه (١)، انتهى.

وقال في "باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة"، أي: هل يجب إجابتها أم لا؟ وإذا وجبت هل تبطل الصلاة أو لا؟ في المسألتين خلاف، ولذلك حذف المصنف جواب الشرط (٢)، انتهى.

ويمثل هذا أيضًا بـ "باب الوضوء من غير حديث" لمكان الاختلاف فيه في السلف، كما بسطه الحافظ (٣): وإن استقر الإجماع بعدُ على عدم الوجوب.

وهذا الأصل مطَّرد كثير الشيوع في "الصحيح"، وهذا غير الأصل الرابع، كما لا يخفى؛ فإنه تقدم فيه أنه - رحمه الله - لا يجزم بالحكم لاختلاف العلماء، ولا يأتي بالروايات المختلفة، كما ترى في هذه الأمثلة، فإنه لم يذكر في هذه الأبواب إلا روايةً واحدةً، كما في "باب إذا صلى ثم أمَّ قومًا".

وكتب مولانا الشيخ محمد حسن المكي عن شيخه الإمام الكَنكَوهي قَدَّس الله أسرارهما: إن الدأب الشائع للبخاري الروايات، فيأتي بالروايات على اختلافها، وها هنا عدم الجزم إشارة إلى اختلاف أنه يضع الترجمة ولا يذكر معها الحكم، إما لاشتباه الحكم عليه، أو للإحالة إلى فهم الناظر، ثم يورد لها أحاديث متفقة على حكم واحد، أو متعارضة من غير تطبيق بينها، فيذكرها على سبيل التعداد، ويحيل التطبيق إلى فهم الناظر،


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٣).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٧٨).
(٣) انظر: "فتح الباري" (١/ ٢٣٢، ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>