للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (اللهم اجعلها سنين) كتب الشيخ في "اللامع" (١): قصتان جمعهما المؤلف لما ذكره أستاذه إياهما جميعًا، وإلا فشأنه أرفع من أن يخفى عليه مثل ذلك، فكان وقوع دعاء السَّنَة في مكة، ودعوته لهؤلاء المسلمين كانت بالمدينة، انتهى.

وهذا إيراد معروف على الإمام البخاري، أورده شيخنا السهارنفوري شارح أبي داود صاحب "بذل المجهود"، وهكذا ذكر الشرَّاح كلهم، لكنهم ذكروه في حديث ابن مسعود الآتي في "باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين"، ويؤيد الشيخ ما قال العيني (٢) في الباب المذكور تحت قوله: "فجاءه أبو سفيان. . ." إلخ: وكان مجيئه قبل الهجرة لقول ابن مسعود: البطشة الكبرى يوم بدر، ولم يُنقل أن أبا سفيان قدم المدينة قبل بدر، انتهى.

ثم لا يذهب عليك أن الأوجه عند هذا العبد الفقير إلى الله الغني، أن ههنا أربعة وقائع معروفة:

الأولى: دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - على قريش بمكة قبل الهجرة بعد طرحهم على ظهره - صلى الله عليه وسلم - سلا جزورٍ، المذكور في حديث ابن مسعود، وفيها دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - بسبع سنين.

والثانية: دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - على مضر خاصة بهذا الدعاء أيضًا في القنوت وهي بالمدينة سنة أربع من الهجرة، وكان بدء القنوت في هذه السَّنة.

والوقعة الثالثة: خروجه - صلى الله عليه وسلم - للاستسقاء إلى المصلى، وكان في رمضان سنة ست من الهجرة.

والرابعة: دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الجمعة المذكورة في حديث أنس - رضي الله عنه -، وكان بعد مرجعه من غزوة تبوك، وقد اختلط في هذه الوقائع كلام الشرَّاح، وأدخلوا قصة في قصة أخرى بمجرد اتحاد ألفاظ الدعاء، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.


(١) "لامع الدراري" (٤/ ١٦٣ - ١٦٨).
(٢) "عمدة القاري" (٥/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>