للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة لمن جوَّز تعدد الصلاة، أي: جوَّزه في أمكنة متعددة، وأما قول عطاء فاجتهاد منه لا يجب تسليمه، وكذلك ما قاله عكرمة، والاحتجاج بالرواية لعموم قوله: "أيام عيد" من غير تقييد بقوم، انتهى.

وفي هامشه: ههنا مسألتان مختلفتان طالما يلتبس إحداهما بالأخرى لنقلة المذاهب، إحداهما: فوت صلاة العيد للإمام والمأمومين كلهم لعارض، وليست بمراد البخاري، ذكرها أبو داود في "سننه" وترجم عليها "باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد"، وأورد فيه حديث بعض الصحابة أنهم جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم.

وقال الشيخ في "البذل" (١) بعد بسط الكلام على الحديث: وإلى ذلك ذهب الأوزاعي وأحمد وأبو حنيفة وصاحباه، انتهى.

لكن حكى الطحاوي ذلك مذهب أبي يوسف وحده، وقال: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: إذا فاتت الصلاة يوم العيد حتى زالت الشمس من يومه لم يصل بعد ذلك في ذلك اليوم ولا فيما بعده، وممن قال بذلك أبو حنيفة، انتهى.

وأما المسألة الثانية: وهي فوات العيد بمعنى عدم الشركة في الجماعة، أي: عدم إدراكها، وهذه المسألة هي مراد الإمام في الباب كما تدل عليها الآثار الواردة في الباب، وهي أيضًا خلافية عند الأئمة.

ففي "الأوجز" (٢): للمالكية أربع روايات، والراجح منها: إذا فاته العيد يندب له صلاة العيد فذًّا لا جماعةً، فيكره مع الجماعة، وعند الحنابلة: يسن لمن فاتته [صلاة] العيد قضاؤها يومها قبل الزوال وبعده على صفتها، لكن شرَّاح الحديث قاطبة نقلوا عنهم قضاء الأربعة، وقالت الشافعية: تشرع للمنفرد والعبد والمرأة والمسافر، فلا تتوقف على شروط


(١) "بذل المجهود" (٥/ ٢٤٩).
(٢) "أوجز المسالك" (٣/ ٦٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>