للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد الجلوس، وأنه على الأرض لا على شيء من جسده فكان موافقًا للترجمة، انتهى.

وفي هامشه: هذا توجيه لمطابقة الحديث بالترجمة فإنهم أوردوا على الحديث بأنه لا يوافق الترجمة.

قال الحافظ (١): إن قيل: ترجم على كيفية الاعتماد، وفي الحديث إثبات الاعتماد فقط، أجاب الكرماني بأن بيان الكيفية مستفاد من قوله: جلس واعتمد على الأرض ثم قام، فكأنه أراد بالكيفية أن يقوم معتمدا عن جلوس لا عن سجود، وقيل: يستفاد من الاعتماد أنه يكون باليد؛ لأنه افتعال من العماد والمراد به الاتكاء وهو باليد، انتهى.

ولا يبعد عندي أن غرض المصنف بالترجمة ليس بيان الكيفية، بل ذكر لفظ "كيف" تنبيهًا على اختلافهم في بيان كيفية الاعتماد، وغرض الترجمة إثبات الاعتماد على الأرض عند النهوض كما نبّهت على ذلك في مقدمة "اللامع" من أن الإمام البخاري طالما يشير بلفظ "كيف" إلى مجرد الاختلاف في الكيفية بدون إثبات الكيفية، ومسألة الاعتماد على الأرض عند النهوض عن السجود أو التشهد أيضًا خلافية شهيرة، والمعروف على ألسنة المشايخ أن الاعتماد على الأرض عند النهوض يستحب عند الشافعي ومالك، ولا يستحب عند الحنفية، وليس كذلك، بل الاعتماد على الأرض مندوب عند الشافعي فقط دون الأئمة الثلاثة.

ذكر صاحب "السعاية": ذكر الفقية المالكي ابن أبي زيد في رسالته: تسجد للثانية كما فعلت أولًا، ثم تقوم من الأرض كما أنت معتمدًا على يديك: لا ترجع جالسًا لتقوم من جلوس، انتهى.

وظاهره أن مذهب مالك في الاعتماد مثل مذهب الشافعي، وفي


(١) "فتح الباري" (٢/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>