للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كونه - صلى الله عليه وسلم - مقتديًا بأبي بكر فاحتمال ثالث لم يقل به المؤلف، انتهى.

وفي كلام الشيخ إجمال مخل، وتوضيحه: أن في قصة أبي بكر ثلاث احتمالات:

الأول: أن الإمام في الحقيقة لجميع الناس كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما أبو بكر فكان مبلغًا مسمعًا للناس تكبيره لا غير،

والاحتمال الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إمامًا لأبي بكر فقط، وأبو بكر كان إمامًا لبقية الناس.

والثالث: الذي اختاره الإمام أحمد أن كان الإمام في هذه القصة أبا بكر لم يذهب البخاري إلى هذا الاحتمال.

ولذا لم يتعرض له في كتابه بل ذهب إلى الاحتمالين الأولين، وأشار إلى الأول بالباب السابق "باب من أسمع الناس تكبير الإمام" وأشار إلى الثاني بهذا الباب، والأول قول الجمهور، والثاني قول الشعبي.

قال الحافظ (١): ولم يفصح البخاري باختياره في هذه المسألة؛ لأنه بدأ بالترجمة الدالة على أن المراد بقوله: "ويأتم الناس بأبي بكر" أنه في مقام المبلغ، وثنى بهذه الرواية التي أطلق فيها اقتداء الناس بأبي بكر، ورشح ظاهرها بظاهر الحديث المعلق، فيحتمل أن يكون يذهب إلى قول الشعبي ويرى أن قوله في الرواية الأولى "يسمع الناس التكبير" لا ينفي كونهم يأتمون به إلى آخر ما قال.

قلت: وصنيع البخاري في تعبير الترجمتين إذ بوَّب الأولى بقوله: "باب من أسمع الناس"، وهذا على ما هو المشهور من دأب المصنف مما لا يرضاه كما تقدم في الأصل الثالث، وترجم بالثاني بـ "باب الرجل يأتم. . ." إلخ، وإليه مال العيني (٢) إذ قال: والذي يظهر من هذه الترجمة أن البخاري يميل إلى مذهب الشعبي في ذلك، ومما يؤكد أن ميل البخاري


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٤).
(٢) "عمدة القاري" (٤/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>