للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنه لم يقيِّد ههنا لكونه معلومًا إذ من المعلوم أن المتعفن بأكل الثوم أو الذي يسيل دمه لا يجوز لهما دخوله، لما فيه من تلويت المسجد مع أن اللفظ بإطلاقه شامل لهما، فالحق أن الحكم على الشيء بالجواز وعدمه كثيرًا ما يبتني على النظر إليه في نفسه، ولا ينظر إلى ما يعتريه من عارض مثبت خلاف هذا الحكم كما في كثير من المباحاث المحرمة لأجل عارض، انتهى.

وفي هامشه: اختلف في غرض المصنف بالترجمة، وما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه لا سيما أول الاحتمالين من كلامه أوجه عندي مما قالته الشرَّاح في غرض الترجمة.

قال العيني (١): أي: هذا باب في بيان جواز المرور بالنبل في المسجد إذا أمسك نصاله، وفي هذه الترجمة نوع قصور على ما لا يخفي، انتهى.

وتبعه القسطلاني ولم يذكر الإيراد بنوع قصور، والمراد بالقصور أنه لم يذكر في الترجمة إمساك النصل، والإيراد عندي ساقط نشأ بالغرض الذي اختار العلامة العيني، وعلى هذا يلزم تكرار الترجمة بما سبق، فالوجه عندي في غرض الترجمة ما تقدم في كلام الشيخ من أول الاحتمالين، فإن الحديث السابق لما كان يثبت منه جواز المرور أثبته الإمام البخاري مستقلًا لكون المسألة خلافيةً، فإن يكره عندنا الحنفية أن يتخذ المسجد طريقًا، قال صاحب (٢) "الدر المختار": وكره تحريمًا اتخاذه طريقًا لغير عذر، وصرح في "القنية" بفسقه باعتياده، قال ابن عابدين: وفي التعبير باتخاذ إيماء إلى أنه لا يفسق بمرة أو مرتين، انتهى من هامش "اللامع" (٣).


(١) "عمدة القاري" (٣/ ٣٨٥).
(٢) "رد المحتار على الدر المختار" (٢/ ٤٦٨).
(٣) "لامع الدراري" (٢/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>