للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجعوا عنها واتفقوا على وجوب الغسل بالتقائهما وإن لم ينزل.

ثم بسط ابن العربي في تضعيف رواية الماء من الماء وقال: العجب من البخاري أن يساوي بين حديث عائشة في إيجاب الغسل وبين حديث عثمان وأُبي في نفي الغسل إلى آخر ما بسط في تضعيف حديث عثمان وأبي، ثم اختلفوا في ميل الإمام البخاري في ذلك هل إلى قول داود أو إلى قول الجمهور كما هو رأي الشيخ إذ قال (١): قوله: "هذا أجود وأوكد. . ." إلخ، يعني به: الوجوب، والآخر منسوخ لا معمول، فإن أفعل التفضيل عند أئمة الحديث كثيرًا ما يستعمل لمعنى التوكيد والتشديد، ولا يعنون به الزيادة على الغير في مأخذ الاشتقاق حتى يكون الآخر - أي: المفضل عليه - جيدًا وآكدًا إلى آخر ما بسطه الشيخ.

وإليه يشير كلام شيخ المشايخ في "التراجم" (٢) إذ قال: أي: الغسل عند ذلك أحوط اجتهادًا، أي: من حيث الاجتهاد عند المصنف هو الغسل الذي عقد الباب السابق لأجله، وذكر الباب اللاحق إنما هو لمحض الإحاطة بجوانب ثم ترجيح الراجح، انتهى.

وذكره ابن العربي احتمالًا كما سيأتي وهو الظاهر عند الحافظ ابن حجر، وهو الأوجه عندي؛ لأن الإمام البخاري ترجم لالتقاء الختانين وأورد فيه حديث إيجاب الغسل ولم يذكر فيه حديث الإكسال، ثم لما ذكر حديث الإكسال لم يترجم عليه إلا غسل ما يصيب من الفرج، قال ابن العربي بعد ما تعقب على البخاري (٣): ويحتمل قول البخاري: "الغسل أحوط"، يعني: في الدين من باب حديثين تعارضا فقدم الذي يقتضي الاحتياط في الدين، انتهى.


(١) انظر: "لامع الدراري" (٢/ ٢٣٣، ٢٣٧).
(٢) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١١٩).
(٣) "عارضة الأحوذي" (١/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>