للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كليهما، ثم إن الغرض منه طهارة الماء المستعمل وطهوريته، وقد عرفت قبل ذلك أن الاستعمال لا يتحقق إلا عند إقامة قربة أو إزالة حدث، فاستدلاله مبني على عدم الفرق بين المستعمل في الغسل بدون إزالة حدث وبينه لها، وكذا على عدم الفرق بين الطاهر والطهور، وفي قوله: "تختلف أيدينا" لم يذكر أنا كنا نغسل الأيدي أولًا، وكذا في الرواية الثالثة والرابعة: من إناء واحد من الجنابة، ولم يذكر تقديم غسل الأيدي وبينهما رواية تدل على استحباب غسل اليد أولًا، ثم إن الأجوبة عن الاستدلالات المخالفة ظاهرة بأدنى تدبر فيما ذكرنا وفي استدلالاته - رحمه الله -، انتهى.

وفي هامشه: قال المهلب (١): أشار البخاري إلى أن يد الجنب إذا كانت نظيفة جاز له إدخالها الإناء قبل أن يغسله؛ لأنه ليس شيء من أعضائه نجسًا بسبب كونه جنبًا، انتهى.

والأوجه عندي: أن غرض المصنف بيان جواز إدخال اليد ردًا على ما روي عن ابن عمر أنه قال: "من اغترف من ماء وهو جنب فما بقي فهو نجس" أخرجه ابن أبي شيبة (٢)، وحكاه عنه العيني (٣) أيضًا، وجمع بينه وبين ما رواه عنه البخاري بوجوه، ولا تعارض بينهما عندي؛ لأن أثر ابن أبي شيبة نص في الجنابة، وأثر البخاري ظاهر في الحدث الأصغر، وفي "فيض الباري" (٤) عن "الفتاوى" لابن تيمية، عن الإمام أحمد: أن الجنب إن أدخل يده في الماء نجسه، انتهى.

لكن الموفق (٥) حكى مذهبهم: أن الماء طاهر لا إشكال فيه، نعم حكي عن الإمام أحمد اختلاف الروايات في أن الماء هل يبقى مطهرًا أم لا؟ ثم الآثار والروايات التي ذكرها البخاري لما لم تكن صريحة في عدم


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٣٧٣).
(٢) (١/ ٨٢)، وفيه: "منه نجس" بدل "فهو نجس".
(٣) "عمدة القاري" (٣/ ٢٨).
(٤) "فيض الباري" (١/ ٣٥٤).
(٥) انظر: "المغني" (١/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>