للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجوز لهم أن يرتكبوه أيضًا إلا أن يكون أحد يخرج عن حيطة الاختيار على نفسه، فيرتفع عنه التكليف الشرعي التحاقًا بالمجانبين، انتهى.

قلت: ومما ينبغي أن يفتش الفرق بين هذه والترجمة الآتية: "باب قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥]، إذ قال شيخ الهند في غرضها أيضًا التواضع.

قوله: (أن نوفًا البكالي) وكتب الشيخ في "اللامع" (١): ولعل وجه توهم نوف المغايرة بين المسمِّين بموسى استبعاد أن يكون موسى وهو من أولي العزم من الرسل، وهو كليم الله أيضًا يتلمذ على خضر ويتعلم منه، أو يؤمر بذلك منه تبارك وتعالى، انتهى.

وبسط في هامشه في ترجمة نوف البكالي وموسى كليم الله.

قوله: (كذب عدو الله) قال ابن التين: لم يرد إخراج نوف عن ولاية الله، بل قلوب العلماء تنفر إذا سمعت خلاف الحق.

قال الحافظ (٢): ويجوز أنه اتهمه في صحة إسلامه، ولذا لم يقل في حق الحر بن قيس هذه المقالة، انتهى. كذا في "الفتح".

قلت: ولعل سبب غضب ابن عباس عليه أنه زعم أن نوفًا أخذه من التوراة، فإن نوفًا على ما في "الكرماني" (٣) ابن امرأة كعب الأحبار، وقيل: ابن أخيه، ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - غضب على عمر حين استأذنه - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب شيئًا من التوراة فقال: "أمنهوكون أنتم؟ " الحديث.

وقال القسطلاني (٤): قول ابن عباس خرج مخرج الزجر والتحذير لا القدح في نوف؛ لأنه قال ذلك في الغضب، وألفاظ الغضب تقع على غير الحقيقة غالبًا، انتهى. قلت: وإطلاق الكذب على الخطأ شائع في كلام العرب كما تقدم الكلام على ذلك في "الأوجز" (٥) و"البذل" وغيرهما تحت


(١) "لامع الدراري" (٢/ ٧٥).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٢١٩).
(٣) انظر: "شرح الكرماني" (٢/ ١٤٠).
(٤) "إرشاد الساري" (١/ ٣٧٧).
(٥) "أوجز المسالك" (٢/ ٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>