للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): قال ابن المنيِّر: نبّه البخاري بهذه الترجمة على الرد على من كره إعاده الحديث وأنكر على الطالب الاستعادة وعدّه من البلادة، إلى آخر ما قاله، وأنت خبير بأن هذا الغرض الذي حكاه الحافظ عن ابن المنيِّر يناسب الترجمة الآتية من "باب من سمع شيئًا فلم يفهمه"، وحكى الحافظ عن ابن التين أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان، انتهى.

ولو كان هذا غرض المصنف، كان حقُّ هذا الباب أن يذكره بعد الباب المذكور، أي: "باب من سمع شيئًا".

وتبع شيخ الهند في "تراجمه" القطب الكَنكَوهي إذ قال: الغرض أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعيد الكلمة ثلاثًا عند الحاجة، وإلا فقد يكتفي في الجواب على الإشارة أيضًا كما تقدم قريبًا، ويؤيد الشيخين ما في هامش "اللامع" من كلام الخطابي، وقال السندي (٢): الظاهر أنه محمول على المواضع المحتاجة إلى الإعادة لا على العادة، وإلا لما كان لذكر عدد الثلاث في بعض المواضع كثير فائدة، مع أنهم يذكرون في الأمور المهمة أنه - صلى الله عليه وسلم - قالها ثلاثًا، انتهى.

قلت: والاستدلال جيد، فإنه لو كان التثليث عادةً مستمرةً ما قالت الصحابة في الأحاديث الكثيرة: قاله ثلاثًا، كذا في هامش "اللامع".

قوله: (سلم عليهم ثلاثًا)، قال الحافظ (٣): قال الإسماعيلي: يشبه أن يكون في سلام الاستئذان، وأما إذا يمر على قوم فالمعروف عدم التكرار.

قال الحافظ: وقد فهم المصنف هذا بعينه فأورده مقرونًا بحديث أبي موسى في قصته مع عمر كما سيأتي في الاستئذان، ولكن يحتمل أن يكون ذلك كان يقع أيضًا منه إذا خشي أنه لا يسمع [سلامه]، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١/ ١٨٩).
(٢) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٢٩).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>