للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهر، ثم لمَّا علم انقطاع فيضانه علم انقطاعه رأسًا في وقتٍ ما؛ لأن علم الصحابة أقل بكثير عن علمه - صلى الله عليه وسلم -، كما أن علم التابعين من علم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وهَلُمّ جَرّا إلى أن يأتي الزمان الذي بيَّنه في هذا الحديث، وأيًّا ما كان فالمقصود أن العلم يأخذ في التقليل إلى أن ينتفي رأسًا، انتهى.

وفي "فيض الباري" (١): وعند البخاري أن رفع العلم إنما يكون برفع العلماء ولا ينتزع انتزاعًا، وعند ابن ماجه بإسناد صحيح عن زياد بن أبي حبيب أنه ينزع من الصدور في ليلة، والتوفيق بينهما أن أول أمر الرفع يكون كما في "البخاري" وهو برفع العلماء، ثم إبَّان الساعة يكون كما عند ابن ماجه، أي: ينتزع عن الصدور نزعًا، فلا تعارض لاختلاف الزمانين، انتهى.

وما حكى في "الفيض" عن البخاري هو يأتي في "باب كيف يقبض العلم"، ولم أجد الرواية في "ابن ماجه"، لكن ما سيأتي في الباب المذكور عن "الإشاعة" يؤيد ما ذكره الشيخ الأنور عن رواية ابن ماجه، وأيضًا أخرج ابن ماجه (٢) في "باب ذهاب القرآن والعلم" عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَدْرُسُ الإسلامُ كما يَدْرُسُ وَشْيُ الثوب" الحديث، وفيه: "ولَيُسْرَى على كتاب الله - عز وجل - في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية" الحديث.

(وقال ربيعة: لا ينبغي. . .) إلخ، وقال شيخ المشايخ مسند الهند في "تراجمه" (٣): أثبت بقول ربيعة: "لا ينبغي لأحد. . ." إلخ، أن لا يترك رواية الحديث بالاعتزال عن الناس ونحو ذلك، وكون رفع العلم وظهور الجهل مصيبة؛ لأن قول ربيعة: "لا ينبغي. . ." إلخ، يشعر بأنه يورث ظهور الجهل وهو مذموم.


(١) "فيض الباري" (١/ ١٧٧).
(٢) "سنن ابن ماجه" (ح: ٤٠٤٩).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>