أو مثله، وقد علموا أيضًا أن إكمال الدين يومًا فيومًا يقتضي أن يكون الحكم الآتي بعد حكم أكمل منه وأفضل عند الله، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يحوَّل إلى الكعبة، فكان ذلك أول دليل أيضًا على فضل الصلاة إليها، فاشتبه أمر الثواب المرتب على صلاتهم إلى بيت المقدس هل يساوي أجور صلاتنا إلى الكعبة أو يكون دون ذلك؟ انتهى.
قوله:(عند البيت) وقال شيخ الهند في "تراجمه": الذي يحتاج إلى البيان والتوضيح هو قوله: "عند البيت" فإنه مما يختلج في القلب، ولذا حمله بعض الشرَّاح على التصحيف، وأَوَّلَه بعض المحققين بما لا يخلو عن تكلف، والأحسن عندنا أن لا يتكلف بأيّ تأويل، بل يجعل الظرف متعلقًا بالصلاة على ما هو الظاهر، ويكون التقدير: صلاتكم إلى البيت المقدس.
وإنما كنا نحتاج إلى التأويل أو دعوى التصحيف لو كان المصنف قال: إلى البيت، وأما قوله:"عند البيت" فقرينة على أن تلك الصلوات لم لكن إلى البيت، فإذا لم تكن إلى البيت فلا بد أن تكون إلى البيت المقدس، وهذا مما لا شك فيه، ولما كانت الصلوات التي صُلِّيت قبل الهجرة عند البيت الحرام إلى البيت المقدس كثيرة، مع كونها أُدِّيت في المسجد الحرام الذي هو مقام مقدس ومكان أفضل، فيستبعد جدًّا ضياعها، فلذا وقع التصريح بها بخلاف الصلوات التي صُلِّيت إلى البيت المقدس بعد الهجرة فإنها لم تكن بتلك الكثرة، وأيضًا ما صليت في المسجد الحرام، فلم يقع الاحتياج إلى الإشارة إليها، وأيضًا هذا أوفق وألصق بشأن النزول، فتأمل ولا تعجل، انتهى.
وقيل: هو تصحيف، والصواب: إلى غير البيت، فإنها كانت إلى بيت المقدس، وقال الحافظ (١): لا تحريف بل المقصود دقيق، وهو أن الصلاة إلى غير البيت مع كونه عند البيت إذا لم تضع فهي مع البعد عنه إلى غير