للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطُّع؛ كمن يترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء فيفضي إلى الضرر.

قوله: (قاربوا وأبشروا) قال شيخ المشايخ الشاه ولي الله الدهلوي في "تراجمه" (١): أي: خذوا العمل القريب من الطاقة، وأبشروا، أي: بالثواب على العمل وإن قَلَّ، وكذا في "الفتح" (٢) أيضًا.

وقال التيمي: و"قاربوا"، إما أن يكون معناه قاربوا في العبادة ولا تباعدوا فيها، فإنكم إن باعدتم في ذلك لم تبلغوه، وإما أن يكون معناه ساعدوا، يقال: قاربت فلانًا إذا ساعدته، أي: ليساعد بعضكم بعضًا في الأمور، والأول أليق بترجمة الباب، كذا في "الكرماني" (٣).

قوله: (واستعينوا بالغدوة. . .) إلخ، قال شيخ المشايخ الدهلوي في "تراجمه" (٤): الغدوة: السير أول النهار، والروحة: السير بعد الزوال، والدُّلجة: السير آخر الليل، والمعنى: استعينوا، أي: واظبوا على الطاعات في هذه الأوقات، انتهى.

وقال الشيخ الكَنكَوهي قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٥): قوله: "استعينوا بالغدوة. . ." إلخ، أي: فلما لم يبق التزام أعلى مراتب العزيمة لم يجز الترك بالكلية، بل ينبغي التزام ما يمكن الدوام عليه من كثرة النوافل وغيرها من القربات في تلك الأوقات، ووجه تخصيصها غير خفي، انتهى.

وبسط الكلام على ذلك في هامش "اللامع" أشد البسط، وفيه: الغدوة - بفتح الغين - ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، والرَّواح من زوال الشمس إلى الليل، والدُّلجة - بفتح الدال وضمها - من الإدْلاج - بسكون


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٧).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٩٥).
(٣) "شرح الكرماني" (١/ ١٦٢).
(٤) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٣٧).
(٥) "لامع الدراري" (١/ ٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>